إجماع وطني أم..؟!

العراق 2020/04/12
...

سالم مشكور
 
استغربت ألا يتضمن أول خطاب لرئيس الوزراء المكلّف تعهّداً واضحا بإجراء انتخابات مبكرة.
الإشارة جاءت الى نزاهة الانتخابات من دون تعهد بموعدها.
ربما يكون الامر سهواً، وقد يكون عمداً، وعدم رغبة في التعهد بما قد لا يمكن الوفاء به في ظل الظروف الموضوعية الموجودة،ولكن إذا كان ما ورد في الخطاب من طموحات وأهداف سيرد في البرنامج الوزاري أيضا، فسيحتاج الى دورتين كاملتين وليس الى حكومة مؤقتة، مهمتها الرئيسة ضمان إجراء انتخابات قريبة ونزيهة وحرة، تصحّح كثيراً من الخلل الحاصل. 
لا بأس، فالمقاصد هي الهدف، وإذا ما افترضنا تحقيق ما أشار اليه خطابه الأول من أهداف يتمناها كل عراقي، فان الالتزام بالشكليات لن يكون مهماً، فحل الازمة لن يكون عن طريق الانتخابات فقط، بل يحتاج الكثير منها الى نهج حكومي سليم، بدءاً من طبيعة تشكيل الحكومة، مرورا بطريقة عملها، وانتهاء بما تقدمه من إنجازات ملموسة.
أن يحظى المكلف بـ»إجماع وطني» على تكليفه، أمر جيد في ظاهره، لكن الشك في المضمون يأتي من أن يكون مصطلح «الإجماع الوطني» أحد العناوين المنمّقة للمحاصصة المقيتة التي بدأت بالمكونات ولم تنته بالأحزاب، بل بفروعها المتوالدة كل يوم، وعلى قاعدة تحاصص المغانم وليس المساهمة في البناء.
من هنا يبرز القلق من طبيعة التشكيل وفاعليته وآليات عمله، فما طرحه الكاظمي من أهداف جميلة؛ مثل حفظ السيادة، وأولوية المواطن وكرامته، وسيادة القانون وهيبة الدولة ورفض السلاح خارجها وإنصاف الفقراء والمظلومين، تحتاج كلها الى حكومة غير محاصصية، بل حكومة موظفين تتحرك برؤية واضحة وبرنامج عملي، والاهم من كل ذلك قرارات مباشرة وحازمة، تذلل العقبات التي عرقلت حتى الآن أي إنجاز. 
هذا الأمر يحتاج الى سلوك حازم من رئيس الوزراء، ومحاسبةٍ لكل وزيرٍ يعجز أو يتباطأ في التنفيذ، بعد تذليل العقبات أمامه، وأولها تدخل الفاسدين من أفراد وأحزاب. 
نحتاج الى حكومة يكون وزراؤها موظفين عند الشعب يديرهم رئيس الوزراء، تماما كما ورد في خطاب الكاظمي الذي نأمل أن يعكس منهجه وإرادته، وليس مجرد خطاب كتبه مقرّب منه لكسب الجمهور.
إنَّ بقاء الوزراء ممثلين لأحزابهم ومطالبين بتحقيق مصالحها المادية، وملء الوزارات بأقارب السياسيين من دون كفاءة، وعدم قدرة رئيس الوزراء على محاسبتهم مجاملة لأحزابهم، يعني أن الحكومة المرتقبة ستكون إضافة عددية فقط، تسهم في تعميق الأزمة ودفع البلاد الى هاوية لا يدرك أحد عمقها وحجم تأثيرها في مستقبل البلاد. 
كل هذا، مع افتراض أن تكليف الكاظمي يشكل قراراً حقيقيا للكتل الشيعية، وليس مناورة لإبعاد الزرفي، ومن ثم عرقلة التشكيل -ديمقراطياً- وصولاً الى الإبقاء على الحكومة الحالية.
أعوذ بالله من سوء الظن، لكنها السياسة..