الغرامُ المَ لغوم

ثقافة 2020/04/12
...

أسعد الجبوري
 

دون كيشوت: ما الذي يجري بعيداً من هذه الطواحين يا سانشو؟
سانشو: إنها الفيروساتُ يا سيدي الدون، فتكاد تنام في كل سرير .
دون كيشوت: والعشاقُ الذين طالما تحدثوا عن الموت بحب المحبوب؟
سانشو: للأسف، لم يبق أحدٌ منهم تحت نافذة جولييت يا سيدي الدون .
دون كيشوت: وروميو . أين هو الآن ؟
سانشو: ذهب لشراء علبة ديتول من صيدلية روما لتطهير نفسه من حب تلك الفتاة، التي اسمها جولييت .
دون كيشوت: تقصد أن الشاب روميو قد استغنى عنها،وتعلّق بتلك الجارية التي تُسمى بديتول يا سانشو؟
سانشو: ليس روميو وحده من يستغني عن الحب الآن، ويفضل الديتول وجميع وسائل التعقيم العاطفي، بل ملايين الأوادم يا سيدي الدون .
دون كيشوت: ألمْ يكن الحبُ أول أمراض السموات والأرض؟
سانشو: ومن أين لي أن أعرف ذلك، وأنا أعزب وما من امرأة من كلّ النساء إلا وتغلق وجهها بوجهي؟
دون كيشوت: لقد كان أبونا آدمُ أول الأضاحي في موسوعة العاشقين. ارتكب معصيةً من وراء غواية التفاحة ورُمي أرضاً؟
سانشو: أجل يا سيدي الدون. ويبدو أن حبل الحب قصير. وكل ما عليه من غسيل، ينتمي للملابس المُستعملة من صنف "البالة أو اللنكات" كما يُقال ذلك عنها.
دون كيشوت: ولكن ثلاثة أرباع سكان الأرض تتبادلُ تلك الملابس استعمالاً وتأنقاً 
سانشو: ما يهمني يا سيدي الدون هو  كيف يتحوّل الحب إلى ما يشبه الملابس المستعلمة التي تنتقل من جسد لآخر !!
دون كيشوت: يبدو أن في صدرك الكثير من القلوب يا سانشو، ولذلك لم تبلغ سنّ المراهقة في العشق بعد!
سانشو: من أين لي مجموعة القلوب التي تحدثت عنها يا سيدي الدون. أنت تسخر مني. أليس كذلك ؟
دون كيشوت: أنا لا أسخر منك يا سانشو. ولكنني أدرك بأنك لو أصبحت عاشقاً، لتركتني وحيداً في حرب الطواحين. وذاك ما لا أريده بالضبط.
سانشو: وهل لا صلة للعاشقين بالحروب وأهوالها يا سيدي الدون؟
دون كيشوت: أجل. للعشاق حروب في مكان آخر يا سانشو؟
سانشو: على الأرصفة تقصد يا سيدي الدون، أم في المدارس أم في الحانات والكافيات وشوارع الهوى تعني؟!
دون كيشوت: ما أشدّ ضيق فكرك وصلابة رأسك بهذه الجمجمة المدرّعة، التي لا تخترقها صواريخ توما هوك يا سانشو.
سانشو: ألا ينفع أن يكون المرء برأس مدرّع. أو ليس هذا ما تتطلبه ظروف قتالنا خلف التلال وأمام طواحين الأصدقاء؟
دون كيشوت: كيف تريدُ الزواج، وأنت لا تعرف في أي أمكنة تندمج الأجساد بالأرواح، فتشتعل حرائق الغرام يا سانشو!! 
سانشو: نعم .نعم .أدركتُ قصدك الآن يا سيدي الدون: سأحمل سريري في الغد وأذهب لأقرب محكمة خلف تلك التلال . 
دون كيشوت: أجل يا سانشو. ولا تنس أن تأخذ معك لغماً .
سانشو: وما الحاجة لذلك يا سيدي الدون ؟
دون كيشوت: كي تضعهُ تحت مخدة العروس في ليلة الدخلة.
سانشو: إنها فكرة صائبة. ولكن قل لي يا سيدي الدون: ماذا تعني بليلة الدخلة؟!!