غنام محمد خضر
وأنا اتابع العديد من مواقع التواصل الاجتماعي واقرأ الكم الهائل من المنشورات التي تتكئ على التباهي بالقراءة واستثمار الوقت اثناء الحجر المنزلي
أقول : ان القراءة الحقيقية هي أن نراجع أنفسنا وتصرفاتنا ونغير من عاداتنا السيئة ، فما فائدة ان املأ رأسي بمعلومات كثيرة لا تسهم في تغيير سلوكي ولا تجعلني اكف الأذى عن الآخرين (الغيبة، النميمة، قذف المحصنات، النفاق ،اكل الحرام وغيرها من العادات السيئة) فالقراءة الحقيقية هي أن نقرأ أنفسنا جيداً ونكتشف حقيقتنا نتصالح مع أنفسنا، نعمل المستحيل من اجل قراءة اسرنا (الأطفال، النساء، الإخوة ،الأخوات)؛ نتأملهم نتعرف على المتغيرات التي طرأت عليهم في الأيام التي مضت ونحن في معترك الحياة، علينا ان نقف عند هذه القراءة وقفة حقيقية لنعيد ترتيب أوراقنا ضمن المعطيات الجديدة ، كذلك لو امعنا النظر بوجوه آبائنا وأمهاتنا ماذا سنقرأ في عيونهم ؟
هل سنقرأ ما يسرنا؟ ام ستكون القراءة فاضحة ؟!علينا ان نقرأ الناس من حولنا ونحاول فتح كتاب الجيران ونرى ما يحتويه من ألم ومعاناة حينها سنكتشف اننا لم نقرأ من قبل أي شيء !كتاب الجيران من الكتب المهمة فهل فكرنا ان نشطب منه ما يعكر صفوه ونمد يدنا نحوه لنغير كل ما كتب به من قهر وجوع الى تفاؤل وامل ؟ هل سنسهم في تغيير ما كتب به عن المأساة المجتمعية ونكون نبراساً لكتابات كوميدية تحمل الكثير من الأمل ؟
هل توجهت انظارنا لقراءة من يحيط بنا ؟ بقصد معرفته ومساعدته والوقوف بجانبه.
هل قرأنا منظر الاسرة عندما تجتمع على مائدة واحدة ؟ تلك الأسرة التي لم تجتمع منذ زمن ، وهل حاولنا ان نقرأ مخرجات الاجتماع من خلال عيونهم وما تحمله من سعادة ؟
مفاصل كثيرة في الحياة تحتاج لقراءة اهم من مئات الكتب .
الأصدقاء القدامى، هل أعدنا قراءة ذكرياتنا معهم بشكل دقيق ، وهل توصلنا للأسباب الحقيقية التي جعلتنا نبتعد
عنهم ؟! أسئلة كثيرة تحتاج لقراءات عديدة ومتعددة في لحظة واحدة.
ان الجميع وضعوا خططاً لإنجاز مشاريع كتابية وقرائية لكن السؤال هل وضع من ضمن هذه الخطط ان نقرأ صفحاتنا التي كتبناها ونحن في الوظيفة ام في النزهة ام في العمل وفي المعاملة ؟ أنا اجد ان هذه القراءة انجع واهم ،فقراءة الأنا هي نقطة انطلاق لقراءة الآخر، وقراءة الأنا هي العتبة الأولى من عتبات الإصلاح فلا إصلاح حقيقي مالم نصلح ذواتنا، فكلما تعرفنا على أنفسنا عرفنا الاخر ، ومعرفة الاخر معرفة وجه جديد من وجوه الحياة السعيدة ، وبالتأكيد من يقرأ كل هذه القراءات وينتفع منها سوف تتغير قناعته القرائية وتنفتح شهيته ليتناول كتباً أخرى قد لا تخطر على باله من
قبل.