بغداد/ الصباح
أكد نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط أنَّ الواقع الجديد للسوق النفطيَّة والتحديات التي فُرضت عليها بعد أزمة وباء كورونا، وتسببها في ركودٍ للاقتصاد العالمي، وتراكم مخزونات النفط الخام بسبب تقييد النشاطات الصناعية والتجارية وحركة الطيران وغيرها من النشاطات، تحتمُّ على جميع الدول المنتجة للنفط اتخاذ قرارات جريئة من أجل معالجة الأزمة والخروج منها بأقل الخسائر.
وقال وزير النفط ثامر عباس الغضبان بعد مشاركته في اجتماع (أوبك +) إنه «كان يهمنا جداً التعاون مع بقية الدول الأعضاء لإجراء هذا الخفض الكبير وهو أمرٌ اضطراري، وفي الوقت ذاته نجتهد في إيجاد بدائل من شأنها أنْ تزيد واردات الدولة من جهة، ومن جهة أخرى إعادة النظر بمستويات التصفية ومستويات استخدام النفط الخام في توليد الطاقة الكهربائية، وإنَّ إدامة إيصال الوقود الى محطات الكهرباء وبالذات الغاز هي من ضمن أولوياتنا، كذلك هناك مراجعة دقيقة لإنتاجية الحقول النفطية، مع منح الأفضلية للنفوط التي تدر مورداً مالياً عالياً على أساس النوعيَّة».
وأشار وزير النفط الى متابعة السوق النفطيَّة بالتعاون مع أعضاء «أوبك» وحلفائها من خارجها والعمل على استقرارها وإبعادها عن التذبذبات الحادة، معرباً عن الأمل في أنْ تكون هذه الإجراءات ناجعة وفاعلة في خفض الخزين والفائض النفطي مع مرور الوقت.
وتابع الغضبان إنَّ «المجتمعين عبر دائرة تلفزيونيَّة اتفقوا على خفض الإنتاج بمعدل (10) ملايين برميل يومياً اعتباراً من بداية شهر (أيار) المقبل ولمدة شهرين، يتبعه خفض آخر بكمية أقل تقدر بـ (8) ملايين برميل يومياً لمدة ستة أشهر، لغاية نهاية السنة الحالية 2020 ومن ثم سيتم تقليص الخفض الى (6) ملايين برميل طيلة العام 2021 وحتى نهاية شهر نيسان من العام 2022».
وأوضح وزير النفط أنَّ «هذا التدرج في الخفض ولمدة سنتين يأتي بعد دراسة مستفيضة لدائرة الأبحاث في «أوبك»»، مشيراً الى أنَّ معدلات الخفض استهدفت الخزين الكبير في العالم لدى الدول الصناعية والشركات التجارية وهو خزين عالٍ جداً وغير مسبوق في معدلات السنوات الخمس الماضية ولا السنوات الخمس التي سبقتها أي منذ العام 2010 وأنَّ زيادة الخزين تعدّ عاملاً ضاغطاً على مستوى الأسعار وتؤدي الى عدم استقرار السوق العالميَّة».
وشدد الغضبان على أنَّ «العوامل التي أدت الى ما نحن عليه عديدة أهمها تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، حيث كان المعدل المتوقع لهذا العام نمواً معتدلاً قدره (2.4 في المئة) إلا أنَّ النمو الفعلي الحالي قُدّر بـ (- 1.1 في المئة) أي أنَّ هناك انخفاضاً قدره (- 3.5 في المئة) من النمو الاقتصادي، فضلاً عن عامل آخر هو تناقص الطلب على النفط الخام وعامل تفشي وباء (فيروس كورونا) الذي أضعف كثيراً الحركة التجاريَّة في العالم وتوقف الطيران وحركة القطارات وتوقف المصانع، كل ذلك أدى الى هبوط مستويات الطلب مع زيادة في مستويات العرض والتي أدت الى وجود فائضٍ كبيرٍ جداً في النفط الخام، ما ضغط على الأسعار التي انخفضت الى معدلات (22 - 24) دولاراً للبرميل بعد أنْ كانت في العام الماضي (60) دولاراً».
وتابع إنَّ «ذلك دفع دول «أوبك» و»أوبك +» ودولاً أخرى مثل الولايات المتحدة الأميركيَّة وكندا وغيرهما التي تأثرت الصناعة النفطية فيها، الى أنْ تتخذ إجراءات سريعة ومؤثرة وملموسة وهي أنْ يكون مستوى الخفض أكبر من السابق، وجاءت الدراسة بقرار الخفض لـ (10) ملايين برميل باليوم مع تقديرات أنَّ الدول الأخرى كأميركا وكندا والبرازيل والنروج التي هي دول منتجة ومصدّرة في آنٍ واحدٍ تحذو حذو «أوبك» و»أوبك +» حفاظاً على صناعتها النفطية وبالفعل تم ذلك، باستثناء المكسيك التي لديها التزامات معينة ولم تستطع الالتزام بالخفض الذي كان قدره (400) ألف برميل باليوم، وبعد المفاوضات التزمت بمعدل خفض (100) ألف برميل يومياً على أنْ تفي شركات نفطية أميركيَّة كإجراء طوعي من قبلها بمقدار (300) ألف برميل ليغطي الـ (400) ألف برميل الخاصة بالمكسيك».
وأضاف وزير النفط إنَّ «الاجتماع ناقش - وبطلب منا كممثل للعراق - إيضاحات محددة عن دور الدول الأعضاء في مجموعة الـ (20) التي اجتمعت الجمعة الماضي، وعن مدى التزاماتها بالخفض المعلن عند (3.7) مليون برميل باليوم والخفض الإضافي من قبل الولايات المتحدة بشراء النفط من الخزين الستراتيجي يقدّر بـ (3) ملايين برميل، لذلك فإنَّ توقعاتنا لمجموع التخفيض من قبل أوبك والدول الأخرى خلال شهري (أيار وحزيران) القادمين، بمقدار (16) مليون برميل»، مشيراً الى أنَّ «العراق ، قد واجه ظرفاً صعباً في شهر نيسان الحالي لتسويق كميات مباعة أصلاً لأنَّ الكثير من الشركات النفطية وبالذات الشركات الهندية وبسبب حظر التجوال وانكماش الحركة الاقتصادية والتجارية داخل الهند، عزفت عن رفع الكميات التي كانت متعاقدة على شرائها من العراق، لذلك كان يهمنا جداً التعاون مع بقية الدول الأعضاء لإجراء هذا الخفض الكبير وهو أمر اضطراري نقوم به وهو جزء مهم من إيجاد الحلول لهذه الأزمة.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن أمس الاثنين أنَّ أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم تدرس إمكان خفض الانتاج بمقدار 20 مليون برميل يومياً بموجب اتفاق يهدف الى تعزيز الأسعار.
وقال ترامب الذي توسط في الاتفاق: إنَّ الاتفاق أكبر من المتوقع وسيساعد على انتعاش قطاع الطاقة من تأثيرات وباء (كوفيد – 19).
وأضاف «بعد أنْ شاركت في المفاوضات، أقول إنَّ اوبك وشركاءها يتطلعون الى خفض 20 مليون برميل يومياً، وليس 10 ملايين كما تردد».
وتابع «شكراً لجميع من عملوا معي على إعادة هذا القطاع الكبير جداً إلى مساره، خصوصا روسيا والسعودية».
وتوصلت كبرى الدول المصدرة للنفط إلى اتفاق الجمعة، وقال ترامب إنه سيساعد المكسيك، التي قاومت خفض الانتاج، في تحقيق أهدافها في إطار الاتفاق.
وعقدت دول اوبك المصدرة للنفط بقيادة السعودية، وشركاؤها بقيادة روسيا اجتماعاً ثانياً عبر الفيديو الاحد للمصادقة على الاتفاق.
وارتفعت اسعار النفط في تعاملات آسيا أمس الاثنين، إلا أنها عاودت الانخفاض عند إغلاق الاسواق وسط خشية المتعاملين من ألا يكون اتفاق خفض الانتاج كافياً لدعم الأسعار وتعويض تراجع الطلب.