ضوء على المحققات العراقيات

ثقافة 2020/04/15
...

 
قحطان جاسم جواد
 
 
صدر للباحث والمحقق نبيل ابراهيم العطية كتاب جديد بعنوان"من نتاج المحققات العراقيات"عن دار المعين في شارع المتنبي، ويقع  بـ 255 صفحة من القطع الكبير. تناول فيه العطية موضوعا مهما ربما ان تسليط الاضواء عليه في العراق يكاد يكون غائبا، ومن النادر ان تناولته الكتب الصادرة في العراق، الموضوع يخص المحققات العراقيات ونتاجهن الابداعي، وهو تخصص مهم انشغل به المحققون اكثر من المحققات لاسباب كثيرة، وهن قلة ولم نعثرعلى محققات في العراق الا بعد عام 1954 حسب المؤلف، واعتمد  تحقيق كتاب"ديوان عباس بن الاحنف" للدكتورة عاتكة الخزرجي كبداية لمرحلة المسيرة النسوية العراقية للمحققات،  ويشير المؤلف الى أن فكرة الكتاب كانت تلح على مخيلته منذ سنوات خلت، منعت من ظهورها شواغل، واعاقت انتظامها في كتاب خاص الظروف، بيد ان العزم على تحقيقها لم يهن، والاصرارعلى متابعة جهد المحققات لم يضعف، ويؤكد انه كان يلاحظ ويتابع خلو المكتبة الببلوغرافية من اثر جامع لهن، يرصد نتاجهن ويفصح عن امكاناتهن في هذا المضمار المهم من مجال المعرفة، فكان ذلك حافزا مهما لشحذ الهمة على بيان اسهاماتهن في خدمة التراث العراقي والعربي، الكتاب على وجازته يعد محاولة للتذكير بما قدمته المحققة العراقية، وهي تجلو الغبار عن نص قديم، او ترجمة علم من الاعلام الواردة في مخطوط عسير الحظ، مطمور السطور.
الكتاب يقع في قسمين الاول منهما تضمن سردا عن اعمال المحققات ابتداء من عام 1954 حتى 2019، وضم اكثر من 134 محققة قدمن 237 كتابا مستقلا او بحثا منشورا في مجلة محكمة، وقد رتبت اسماؤهن حسب حروف المعجم من الهمزة الى الياء، واختتم الفصل بملاحظات المؤلف على الآثار المحققة وبيان خصائصها، مع اقتراحاته لتنشيط العمل التحقيقي في العراق، من ابرز من ذكرهن العطية المحققة ابتسام مرهون الصفار شقيقة الباحث رفعة،التي حققت كتاب"استذكارات ابن الخشاب على الحريري في مقاماته " وابتهاج عمر طاهر الراضي، التي حققت كتاب " رحلة المواطن العراقي الياس الموصلي"، وهو اول سائح عربي الاصل يصل الى الاميركيتين، واحلام خليل محمد، التي حققت كتاب "اعراب كلمة الرب من اللهم رب هذه الدعوة التامة لصنعة الله بن محمد" واسراء حسن فاضل العاني واسماء عدنان محمد.واسماء عواد الدوري واسيا كليبان علي وآلاء نافع التكريتي والهام الدليمي وامل عبدالجبار الشرع، ويلاحظ العطية على المحققات تنوع موضوعات التحقيق ما بين اللغة وعلومها والادب والتاريخ والجغرافية والطب والفلسفة، كما لاحظ اعادة تحقيق ما حقق سابقا، وهو امر مفيد لاسيما اذا كان الاثر قديما جدا، او قلة وجوده اوافتقاده للتحقيق العلمي الحقيقي.
وخصص القسم الثاني لرائدة المحققات العراقيات وهي الدكتورة عاتكة الخزرجي بعدها اول من بدأت رحلة تحقيق الكتب في عام1954، بالرغم من أن نشاطها يغلب عليه الشعر، ويقول عنها العطية إنها "دخلت مباطئة، واثقة بالنفس، متأبطة مخطوطة ديوانها الاول، دلفت الى المعتكف العلمي لشاعر مصري، فاسترعت انتباهه، قرأت له شعرها، صوت رقيق، وانشاء جميل، والقاء يسيل رقة، اعجب الشاعر بالذي سمع، استعاد ابياتا مستحسنا، ورجته أن يكتب لها مقدمة، فوعد ووفى، كانت هذه عاتكة الخزرجي والشاعر هو عزيز اباظة، وهو من مواليد 1926، وقد علق والدها على ميلادها(جعلها الله خادمة له ولحبيبه محمد(ص)واردف (ولد الشيب يتيم)،وهي مقولة تحققت بعد ستة شهور، اذ فارق والدها الحياة، لتكون يتيمة الأب" ويضيف: والدها هو وهبي امين متصرف لواء الموصل، وقد عانت الأسرة بعد وفاته عسر الحال، لذلك وقع العبء الاكبر على الأم، ودرست عاتكة في المدرسة الحيدرية الابتدائية، قبل ان تكمل السن القانونية، وظهر عليها مخايل الذكاء، وامارات الفطنة، وكانت الاولى في المتوسطة والثانوية، وبرزت على نحو ملحوظ في درس الانشاء 
والخطابة وميلها للأدب وخاصة الشعر.