{حقوق الانسان}: الاحتكاك المفرط رفع حالات العنف الأسري

العراق 2020/04/15
...

بغداد / هدى العزاوي

أشرت المفوضية العليا لحقوق الانسان الى ارتفاع حالات العنف الاسري خلال ايام حظر التجوال، بسبب  المواجهة المباشرة والاختلاط المفرط بين افراد الأسرة. وبالرغم من عدم وجود احصائية أمنية بشأن معدلات الجريمة والعنف الاسري، الا ان مواقع التواصل الاجتماعي ومصادر غير رسمية اكدت ذلك، وتداول ناشطون العديد من الاخبار ومقاطع فيديو لجرائم اجتماعية، قبل ان تؤكدها الجهات القضائية، أبرزها جريمة حرق امرأة في مدينة النجف، وحالات انتحار، والاعتداء الجنسي على فتاة من ذوات الاحتياجات الخاصة في كركوك، مع غياب التشريعات التي تجرم هذه الأفعال.

ويقول الناطق باسم مفوضية حقوق الانسان الدكتور علي البياتي: ان امرأة من بين خمس نساء تتعرض الى عنف، وهو ليس بجديد.
واضاف لـ"الصباح" قائلا: "كما ان واحدة كل من ثلاث نساء يتعرضن الى عنف لفظي، فضلا الى 14 بالمئة من الحوامل يتعرضن الى عنف اسري خلال فترة الحمل".
وأوضح ان النسبة الاكبر من العنف هو عنف الزوج ضد الزوجة الذي يشكل 54 بالمئة، والدرجة الثانية عنف الآباء على الأطفال بنسبة 12 بالمئة".
ويقول البياتي : "اليوم وبسبب تغيير نمط الحياة والضغط النفسي والازمات الاقتصادية التي طالت الكثير من الأسر نتيجة جائحة كورونا، ادت جميعها الى زيادة حالات العنف الاسري، ونعتقد اننا بحاجة ماسة الى مجموعة خطوات للحد من هذا النوع من العنف، وبالذات الذي يفضي الى ارتكاب جرائم في داخل الاسرة منها تخصيص قنوات خاصة للاستشارات النفسية والصحية تقدم خدماتها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي او الاتصال مدفوع الكلفة، وتقديم برامج متلفزة واذاعية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، لاستثمار الوقت بصورة نافعة، وطرق وساليب لامتصاص الضغط النفسي، اضافة الى تقديم منح مالية ومعونات عاجلة للاسر الاشد تضراراً من اجراءات فرض حظر التجوال".
وشدد على "أهمية تدخل الشرطة المجتمعية في حالة اي بلاغ عن عنف اسري، سواء من الجيران او من اطراف العلاقة مع التاكيد على كتمان هوية الشخص المبلغ او المتصل وتفعيل خطوط ساخنة لاستقبال الشكاوى المتعلقة بذلك".
 وتطالب مقرر لجنة المرأة والاسرة والطفولة النيابية وصفية شيخو، بالإسراع في إقرار قانون مكافحة العنف الأسري لضمان حماية المرأة ومنع ما تتعرض له من أعمال عنف. وتبين شيخو في حديثها لـ "الصباح "أن "الحوادث الاخيرة، ومنها في محافظة النجف الاشرف وكركوك، وغيرها من الحوادث المتكررة، تدفعنا كلجنة المرأة والاسرة والطفولة النيابية الى الضغط من اجل تشريع قانون الحماية من العنف الأسري لما لذلك من اثر كبير في الاسرة والمجتمع من منظور تنموي".
واكدت شيخو أن "هذا الامر يتطلب بالتزامن مع تشريع هذا القانون مجموعة من الاجراءات منها ما يتعلق بتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمرأة وبناء قدراتها لاسيما في ظل هذه الظروف الصعبة والضاغطة على مفاصل المجتمع والاسرة، والتي تعد اسبابا مساعدة لارتفاع وتيرة العنف في ظل هذه الظروف".
وتضيف "كما يتطلب الوضع القائم التركيز على بناء المؤسسات التي ترعى شريحة المرأة وتتبنى عملية التمكين بما تساعد على الحد من ارتكاب العنف داخل نطاق الاسرة، فضلا عن ذلك فان ايجاد تشريع نوعي من هذا القبيل يعد معالجة وسد النقص في المنظومة التشريعية العراقية لحماية الاسرة ككل وليس فقط المرأة."
ويؤكد الاستاذ في علم الاجتماع الدكتور محمد عبد الحسن أن "قضية جائحة كورونا فرضت واقعا جديدا على الأسرة سواء في العراق او دول العالم".
واضاف لـ"الصباح" قائلا: "لعل حظر التجوال الذي فرض على مواطني العديد من الدول ومنها العراق، قد  ألقى بظلاله على طبيعة العلاقات الاجتماعية داخل البناء الاسري، ففي مجتمعنا العديد من انواع العنف الاسري مشرعنة عرفاً".
ولفت عبد الحسن الى ان "طبيعة ايقاع الحياة الاعتيادية تجعل لقاء اطراف الأسرة محدودا بساعات وأوقات محددة، لكن في ظل الحظر فإن طرفي الاسرة يكونان في مواجهة بعضهما البعض، وبالتالي فان الاحتكاك يكون حاضراً والسلبيات تتعمق، خصوصاً عندما تكون هناك عوامل مساعدة كما في حالة انقطاع الدخل اليومي لرب الاسرة، وحاجة الاسرة للمتطلبات الحياتية ومطالبتهم لرب الاسرة بتوفيرها وهو يعجز عن ذلك".
واردف بقوله "كما ان تشنج العلاقات وضعف العلاقات الايجابية يخلقان مناخا مناسبا لحدوث التصادم والعنف وقد يتطور الامر الى ارتكاب الجرائم".
ونوه بأن "الجرائم بصورة عامة قلت الى درجات قياسية بسبب حظر التجوال، لكن ظهر نوع اخر من الجرائم داخل الاسرة، والتي تمثل تطورا وتصعيدا لنوع من انواع العنف الاسري، بحكم التواجد المطول لمكونات الاسرة في حيز محدود او ضيق لفترة طويلة وفي ظل اجواء متشنجة ومشحونة وغير طبيعية يسودها الرفض والخوف والنقص بالحاجات الاساسية لادامة الحياة بفعل التعطيل الاجباري لاصحاب المهن والحرف والمصالح".
وفي الجانب القانوني، يقول قاضي تسوية المنازعات في المحكمة الدولية الدكتور محمد الحديثي: إن "العنف الاسري هو جريمة  كبرى يعاقب عليها القانون الدولي".
واضاف لـ"الصباح" إن "جميع الدول الأوروبية والغربية وضعت وشرعت قوانين خاصة تجرم مرتكب العنف الاسري"، مشيرا الى ان "على البرلمان العراقي أن يشرع قانون تجريم العنف الاسري ويكون حكم الفاعل الحبس لمدة لا تقل عن سنة واحدة اكراما إلى نسائنا وأطفالنا وطبقا للقانون الدولي الذي يجرم العنف الاسري"، مشددا على "لجنة المرأة النيابية واللجنة القانونية ايجاد تشريع قانون يجرم العنف فورا".