الصحة العالميَّة تدعو لتدارك فوضى {كورونا} في الشرق الأوسط

من القضاء 2020/04/18
...

القاهرة/ أ ف ب

تؤكد منظمة الصحة العالمية أنَّ منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا لا يزال بوسعها أن “تغتنم الفرصة” السانحة حالياً وأن تتحرك لتجنب انتشار واسع لفيروس كورونا المستجد.

فرصة للتحرك
وقال الدكتور ايفان هيوتن مدير إدارة التغطية الصحية الشاملة والأمراض السارية في المكتب الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة شرق المتوسط ، ومقره القاهرة، في مقابلة مع وكالة فرانس برس: “لدينا فرصة للتحرك في المنطقة لأنْ تزايد الحالات لم يكن سريعا” حتى الآن.
وبحسب المنظمة التابعة للأمم المتحدة تم تسجيل أكثر من 111 ألف إصابة بفيروس كورونا المستجد وأكثر من 5500 وفاة في منطقة شرق المتوسط التي تشمل 22 دولة وتمتد من المغرب الى باكستان باستثناء الجزائر، في حين تجاوز عدد الاصابات في العالم المليونين والوفيات 140 ألفا.
ووفقا للدكتور هيوتن، من الصعب في الوقت الراهن تفسير التزايد البطيء في عدد الاصابات في دول الاقليم، باستثناء ايران التي سجلت فيها أكثر من 76 الف حالة وما يقرب من 5 آلاف وفاة.
ويتابع “من المحتمل أن يكون هناك عامل مرتبط بالتركيبة العمرية لهذه المجتمعات الشابة”.
وفي الدول التي تشهد نزاعات مثل اليمن وليبيا وسوريا، لا توجد اصابات تقريبا بالفيروس.
غير أن الدكتور هيوتن يحذر من أن “تفادي الوضع الصعب في المرة الأولى لا يعني أننا سنتجنب هذا الوضع في المرة الثانية”.
وفي مصر، حيث قام الدكتور هيوتن بمهمة لتقييم الوضع في آذار، “توجد حالات أكثر الان مما كان عليه الوضع قبل بضعة أسابيع ولكن الامور لم تصل بعد الى العدوى المتسارعة”.
 
“أعمدة المواجهة”
ولتجنب وضع مشابه لما حدث في أوروبا أو الولايات المتحدة حيث توفي عشرات الآلاف، من الضروري وفقا لمسؤول منظمة الصحة العالمية، أن يتم توفير “أعمدة المواجهة” للفيروس وهي الالتزام المجتمعي وتعبئة الأنظمة الصحية وإعداد المستشفيات لاستقبال الحالات الخطيرة.
ويقول إن ما ينبغي عمله “ليس بالضرورة معقدا”، مشيرا الى ضرورة عزل المرضى الذين لا يعانون من أعراض شديدة في “فنادق أو مدارس أو منشآت تابعة للجيش”.
وبالنسبة للحالات الخطيرة،  يمكن “أن نفعل الكثير بتحويل أسرة المستشفيات العادية الى اسرة رعاية مركزة”.
ويمكن اتخاذ اجراء آخر لتجنب انفجار في حالات الإصابة في المنطقة وهو زيادة القدرة على عمل اختبارات لهذا المرض وهو أمر يمكن أن يتم، بحسب الدكتور هيون، “بواسطة أجهزة صغيرة تعطي نتائج سريعة”.
ورغم انه ستظل هناك حالات غير مكتشفة اذ ان هذا أمر “لا يمكن تجنبه” ، إلا أنه “كلما أجريت اختبارات أكثر لمن يعانون من السعال وارتفاع درجات الحرارة، كلما اكتشفنا حالات أكثر”، بحسب الدكتور هيوتن.
ويقول الخبير “نعرف أن 1 % من المصابين يموتون ولذلك عندما تبلغ نسبة الوفيات في بعض الدول 5 % فهذا يحمل على الاعتقاد بأنَّ جزءاً من المصابين لم يكتشف”.
وفي المنطقة تراوح نسبة الوفيات حول 5 %، وهو ما “يعني أنَّ هناك حاجة لزيادة القدرة على اجراء الاختبارات”.
وبالنظر الى “الخطورة المحتملة والى قدرة هذا الفيروس على تركيع النظم الصحية” يتعين على منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا الاستعداد “لاحتمال أن تجري الأمور بشكل سيء”، وفقا للدكتور هيوتن.
ومع اقتراب شهر رمضان، نشرت منظمة الصحة العالمية هذا الاسبوع مجموعة من التوصيات للدول الإسلامية من بينها “إعادة النظر جديا” في اي احتفالات دينية جماعية.
 
استخدام الهيدروكسيكلوروكين
وعلى صعيد ذي صلة أجازت الحكومة الروسية علاج المصابين بفيروس كورونا المستجد بعقار الهيدروكسيكلوروكين الخاص بعلاج الملاريا، والذي تثير فعاليته جدلا في العالم.
وفي مرسوم نشر مساء الخميس أعطت الحكومة الروسية توجيهات بهذا المعنى للهيئات الطبية موضحة أن الصين قدمت لروسيا أكثر من 68 ألف عبوة من هذا العقار.
ونشر المرسوم إثر محادثة هاتفية الخميس بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ. وسيوزع العقار على المستشفيات التي تعالج حالات كوفيد - 19 أو الأشخاص الذين يشتبه بإصابتهم.
من جهتها كلفت الوكالة الروسية لمراقبة الأجهزة الطبية مهمة المتابعة للتحقق من سلامة الدواء وفعاليته. والكلوروكين كما الهيدروكسيكلوروكين هو عقار يستخدم منذ عقود في علاج الملاريا.
ولهذين العقارين آثار جانبية خطيرة خصوصا إذا تم إعطاؤهما بجرعات عالية أو معا مع أدوية أخرى، رغم أن لديهما مزايا مضادة للفيروسات.
ويدعو أطباء ومسؤولون إلى استخدام هذا العقار على نطاق واسع حتى أن الرئيس دونالد ترامب وصفه بأنه “هبة من السماء”، لكن الأوساط العلمية والهيئات الصحية تدعو إلى انتظار التحقق علميا من فعاليته محذرة من المخاطر على المرضى.
وإن أثبتت الدراسات الأولية في فرنسا والصين عن نتائج واعدة لا تزال فعالية العقارين “غير مؤكدة” بحسب الوكالة الأوروبية للأدوية.
ومطلع نيسان دعت الوكالة إلى استخدامهما فقط في إطار التجارب السريرية أو “البرامج الطارئة”.
 
سيطرة ألمانية
أعلنت المانيا يوم الجمعة الفائت أن وباء كوفيد - 19 بات تحت السيطرة بعد شهر من القيود التي فرضتها السلطات ووعدت بانتاج الأقنعة الواقية بكميات كبرى قبل أسبوع من بدء تخفيف اجراءات العزل تدريجيا.
وأظهرت بيانات معهد روبرت كوخ لمراقبة الأوبئة أن كل مصاب بكوفيد-19 في البلاد بات ولأول مرّة ينقل العدوى إلى أقل من شخص. وأشارت الى ان معدّل العدوى بفيروس كورونا المستجد المسبب للوباء بين شخص وآخر تراجع إلى 0,7.
وأعلن وزير الصحة الألماني ينس شبان أن فيروس كورونا المستجد بات “تحت السيطرة”.
وقال الوزير إن “أعداد الإصابات انخفضت بشكل كبير، وخصوصا الارتفاع النسبي على أساس يومي. التفشي بات الآن مجددا تحت السيطرة”.
ويعد معدل انتقال العدوى مؤشرا غاية في الأهمية لانه يؤثر على قدرة النظام الصحي على استيعاب صدمة الوباء.
وفي كلمة، حذرت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل من أن أي ارتفاع جديد في معدل الإصابات “سيغرق” النظام الصحي الألماني.
وقالت “مع معدل عدوى يبلغ 1,1 نكون قد وصلنا الى أقصى طاقات نظامنا الصحي في مجال الاسرة وغرف الانعاش بحلول تشرين الاول، مع معدل 1,2 نبلغ ذلك في تموز، ومع 1,3 نصل الى هذه المرحلة في حزيران”.
 
- القيود “نجحت”
بدون أن تلجأ الى عزل مشدد، فرضت ألمانيا على كل أراضيها قيودا كبرى من إغلاق مدارس والاماكن الثقافية وصولا الى منع التجمعات لأكثر من شخصين.
وقال وزير الصحة الألماني “يمكننا القول الآن أن هذا الأمر نجح، لقد تمكنا من الانتقال من زيادة نشطة الى زيادة مستقرة، ومعدلات الإصابة انخفضت بشكل كبير”.
عدد الإصابات المعلنة بلغ رسميا الجمعة 133 الفا و830 حالة (+3380 في 24 ساعة) والوفيات 3868 بحسب معهد روبرت كوخ.
والمانيا التي استقبلت في مستشفياتها عشرات المرضى الفرنسيين او الايطاليين ستتمكن من الآن وصاعدا من تخفيف القيود.
اعتبارا من 4 أيار، وستبدأ المدارس بإعادة فتح أبوابها مع إعطاء الأولوية للطلبة الذين سيجرون امتحاناتهم قريبا. وسيسمح للمتاجر التي تزيد مساحتها عن 800 متر مربع باستقبال الزبائن مجددا.
لكن “هذا النجاح على مراحل” يبقى “هشا” كما حذرت الأربعاء المستشارة الالمانية التي بلغت شعبيتها ذروتها بعد 14 عاما في السلطة. 
 
“التعايش مع الفيروس”
سيتواصل تطبيق قواعد تحظر تجمّع أكثر من شخصين في الأماكن العامة باستثناء العائلات التي يعيش أفرادها في منزل واحد، بينما ستبقى المناسبات العامة الكبيرة محظورة حتى 31 آب، مع ضرورة احترام التباعد الاجتماعي لمسافة متر ونصف المتر.
وأكد وزير الصحة الألماني الجمعة أنه “يجب تعلم كيفية التعايش مع الفيروس”.
ومن أجل تجنب عودة انتشار الفيروس، ستعمد ألمانيا الى صنع كميات كبرى من الأقنعة الواقية.
لم تتبع الحكومة الفدرالية أو المقاطعات الالمانية ال16 نموذج النمسا المجاورة التي فرضت وضع الأقنعة في المتاجر ووسائل النقل العام، مكتفية بتوصية “قوية” باستخدامه.
وهكذا أعلنت الحكومة أنها منحت حوالى 50 شركة عقودا لانتاج عشرة ملايين قناع من نوع أف أف بي2 و40 مليون قناع جراحي اعتباراً من آب. 
ومدافعا عن قرار عدم فرض وضع القناع قال شبان إن الناس أبدوا حتى الآن “مسؤولية كبيرة”.
وتعتزم ألمانيا ايضا تكثيف اجراء فحوصات الكشف عن الفيروس وقد أجرت حتى الان نحو 1,7 مليون فحص.
 
الصين تدعو إلى الوحدة
من جانبها دعت الصين إلى الوحدة الدولية في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد بعد انتقادات وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعواصم غربية عدة حول إدارة بكين لوباء كوفيد-19، ونفت أي تستر على حجم تفشي الوباء على أراضيها.
وقال تشاو ليجيان الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية إنه “من الضروري أن تتحد كل الدول لمكافحة الوباء وكسب الحرب ضد كوفيد - 19”.
وجاءت تصريحاته بعدما قال ماكرون لصحيفة “فايننشال تايمز” الخميس إنه من “السذاجة” القول إن إدارة الصين للأزمة كانت أفضل من إدارة الدول الغربية.
وأعلنت بلدية مدينة ووهان حيث ظهر الفيروس في نهاية كانون الأول ارتفاع حصيلة ضحايا الفيروس بعد مراجعتها لتشمل 1290 وفاة إضافيّة. وبذلك ارتفعت حصيلة الوفيات بكوفيد - 19 في البلد الذي يضم أكبر عدد من السكان في العالم، إلى 4632 وفق هذه الأرقام الجديدة.
ونفى تشاو أن تكون السلطات الصينية تستّرت على حجم تفشي الفيروس. وقال “لم يحدث تستر ولن نسمح بذلك ابدا”.
واعترف بحدوث “حالات تأخير وإغفال وعدم دقة” في تسجيل الوفيات في بداية الوباء بسبب اكتظاظ المستشفيات.