إضراب زنوبة!

الصفحة الاخيرة 2018/12/18
...

محمد غازي الاخرس
لست مختصا بالتعليم ولا أملك معلومات حول نظرياته وكيف تطور، لكنني مع هذا انشغلت بما جرى ويجري حول التغييرات في المناهج من المرحلة الابتدائية وحتى الإعدادية. انشغلت وتابعت وضحكت عند الغداء على زنوبة التي سألت: صحيح ماكو دوام يوم الأربعاء والخميس، فقلت لها: لا تداومين بابا، سوّي إضراب، فصفنت حائرة. نعم، ثمة مشكلة يراد إثارتها مجتمعيا وهذا تطور رائع يشهده العراق، أي أن يناقش موضوع تطوير المناهج التعليمية في وسائل التواصل الاجتماعي ويدعى إلى إضراب شامل ويسأل عن الموضوع من قبل طفلة في الثالث الابتدائي على الغداء. كل هذا يدلّ دلالة لا شك فيها أن المجتمع العراقي تطوّر وصار ناشطوه يعرفون حقوقهم ويحاولون التأثير في قرارات الدولة بل يجهدون لتسييرها حسب الوجهة التي يظنون أنها تخدمهم. 
ولكن ما هي المشكلة؟ المشكلة حسب ما فهمت تكمن في تغيير بعض المناهج خصوصا العلمية بحيث أصبح الأمر أصعب على التلميذ، وهذا التغيير جاء بشكل مفاجئ ولم توضع له استعدادات لوجستية وبشرية. فالمناهج الجديدة معقدة وتتطلب تدريبا عاليا لاستيعاب منطقها في وقت لم يخضع المعلمون والمدرسون لدورات تنمية أو تدريب لإجادة تعليمها. أتحدث عن الرياضيات خصوصا في المرحلة الابتدائية، ومادة الفيزياء في المتوسطة، فضلا عن تعقيدات التطبيقي والإحيائي التي أربكت الطلبة وأثرت بشكل أو بآخر في المعدلات كما أسمع. فيما يخص عائلتي (الذكية) فإن لا مشكلة صادفتنا مع زنوبة وفاطمة. نعم، حسون تلكأ وهو بصدد النهوض من كبوته. 
فاطمة مثلا اجتازت تجربة التطبيقي والإحيائي بنجاح هائل فكان أن حصلت على معدل 95 وقبلت في الهندسة قسم النفط. أما زنوبة فهي الآن تستطيع تعليم أمها معادلة في الرياضيات، وهي في القراءة تجاوزت جميع أخوتها حين كانوا بعمرها، فهي تقرأ ترجمة الأفلام ولا تفوتها عبارة، مع إنها لا تزال في الثالث الابتدائي. مع هذا، أسمع في وسطي الاجتماعي من يشتكي من أن أولاده لا يستوعبون الرياضيات ويصعب عليهم فهمها بالطريقة الجديدة. بل هناك من يتهم المعلمين بأنهم لا يفهمون شيئا. والسؤال هنا هو: هل العراق بمستواه الحالي مستعد لهذه التجربة؟ ألم يكن علينا تهيئة الظروف بشكل أفضل كي نحصد ثمارا أنضج؟ الحال أن هناك من يقول إنه لابد مما ليس منه بد، وعلى العراق خوض التجربة. مقابل هذا، ثمة من يقول إننا تعجلنا وكان علينا الاستعداد وتهيئة معلمينا وبنانا التحتية، ودليل هؤلاء ما أعلن من أن عدد الراسبين في العام الماضي بلغ مليون طالب. لست متأكدا من دقة المعلومة، ولكنها إن صحّت فمعنى ذلك أنه يجب دراسة الأمر جديا، وإلّا سوف أجعل زنوبة تضرب عن الدوام.. ويا عجبي!