إشكالية السينما العراقية

الصفحة الاخيرة 2018/12/18
...

علي حمود الحسن
يتهيأ صناع السينما العراقية وجمهورها، للاحتفاء بأيامها في السابع والعشرين من الشهر الجاري، وهي مناسبة جيدة، لاثارة أسئلة لم تجد لها أجوبة منذ العام 2003 وحتى يومنا هذا،  منها على سبيل المثال لا الحصر: لماذا لم تتحرك عجلة السينما في بلادنا؟، ولِمَ اقتصرت على المحاولات الفردية؟، وما الذي يحول دون تأسيس شركات انتاج برأسمال وطني؟، وهل هنالك مبرر لأن تربط مصيرها بمؤسسات الحكومة، التي حولت فنانين مبدعين الى محض موظفين شبه عاطلين ينخرهم الروتين ورتابة الوظيفة؟، وعلى الرغم من وجود عشرات المخرجين والممثلين والفنيين، الا ان طاقاتهم مشتتة، فنتاجاتهم فردية، فهم يعملون كمجاميع صغيرة، في اعمال ذات ميزانية متواضعة لم يحصلوا عليها، الا بشق الانفس، ومع ذلك أنتجت مئات الأفلام، التي شاركت في مهرجانات عالمية وعربية وحصلت على تقييمات جيدة، وحصد  بعضها جوائز معتبرة، ولكن هل هذا 
يكفي؟.. 
قطعا لا، فلم تتشكل بعد ملامح وأسلوب للسينما عراقية، على الرغم ان عمرها الذي تجاوز القرن بعشر سنين وأكثر، وظلت أسيرة محاولات أقرب للتجريب، فأطوال افلامها تتراوح بين 5و30 دقيقة، ولم تتأسس شركة إنتاج سينمائية معتبرة، عدا محاولات تعد على أصابع اليد لم تستمر طويلا، فيما تكافح دور العرض السينمائية العريقة من اجل بقائها، اذ تحولت الى بنايات اشباح، فهي تعيد أفلاما مستهلكة تعيد "منتجتها" لترضي حفنة قليلة من جمهور قاع المدينة، والمفارقة انها لا تحتاج الى تأهيلها سوى القليل، وصارت مولات التسوق وسينماتها الرقمية بديلا حيويا عنها، اذ استقطبت جمهورا شبابيا واسعا، فضلا عن الرواد المتسوقين، لكنها لا تستطيع عرض أفلام محلية، لأسباب كثيرة، منها: انها سينما تخضع لمعايير السوق وتخضع لعامل
 الربحية.
ما قلته ليس تشاؤما، انما توصيف، فما نحتاجه ليس ندبا وحسرة على ماضٍ تليد، إنما إثارة لأسئلة وإن تكن قاسية، ثم البحث عن حلول ناجعة وواقعية للنهوض بهذه الصناعة، لاسيما ان الموارد البشرية متوفرة وعلى قدر من المهارة والخبرة، وكذلك وجود جمهور شغوف عاشق لسحر السينما المضيء، وخطاب ثقافي اعلامي سينمائي نشط، كل هذه الأمور ربما تحفز عجلة الإنتاج المتلكئة أصلا، فما ينقصنا هو شركات يديرها رجال اعمال يستثمرون أموالهم في صناعة الأفلام، كما كان يفعل الرواد الأوائل؛ فمن ينسى حبيب الملاك الوجيه والثري البصري، الذي حول خط تجارته المربحة في السيارات الى الاستثمار في استيراد وتصدير الافلام وبناء وتأجير دور العرض السينمائية، حتى وصل عدد ما يمتلكه ويؤجره من السينمات ، اكثر من 40 دار عرض سينمائية.