[I]
من أجل أن نتعرف إلى العزلة لا بُدَّ من أن نميِّزَ، كل التمييز، ثلاثة مفاهيم عن بعضها البعض، هي: العُزلة، والوُحدة، والذاتيَّةِ (التي تؤدي إلى أن يصبحَ المرءُ فرداً فردانيَّاً متفرِّداً).
I- ترتبط العُزلة بممارسة فردانيَّةٍ تقوم على أحد الاحتمالين الآتيين: إمَّا العُزلة الاختيارية، وإمَّا العُزلة التي يُرغم الفرد على الدخول فيها.
II- ترتبط الوُحدة بممارسة ذاتيَّةٍ تنتمي إلى إمكانات ذاتيَّة من شأن الذَّات في أن تكون هي ذاتها. وهي ترتبط، على هذا النحو، بمفهوم الهَويَّة الذي من شأن الذَّات.
III- ترتبط الذاتيَّةُ بحقل الوجود الكُلِّيّ الذي من شأن الذَّات المتوفِّرة، أساساً، على إمكانات وقدرات، ضمن مفهوم الحُرِّيَّة بوصفه مسؤوليَّةً والتزاماً، وإلزاماً مجتمعيَّاً.
[II]
ولكن، ماذا يعني أن نكون، في سبيل التَّساؤل عن جذر العُزلة، أمام فهمها كالآتي: ترتبط العُزلة بممارسةٍ فردانيَّةٍ تقوم على أحد الاحتمالين الآتيين: إمَّا العُزلة الاختيارية، وإمَّا العُزلة التي يُرغم الفرد على الدخول فيها؟
حينما نذهب إلى التَّساؤل عن الاحتمالين، نكون مباشرةً أمام تساؤل أصليّ يتعلَّق بكل احتمال على حدة:
I- ما هي المضامين الوجوديَّة- الفكريَّة لقرار [الذِّهاب- إلى- العُزلة]؟
II- ما هي المضامين الخارجية- المجتمعيَّة التي من شأن إلزام الفرد على [الذِّهاب- إلى- العُزلة]؟
[III]
يرتبط التَّساؤل الأول بمستوى من مستويات الوعي الوجودي يتعلَّق بمفهوم العالَميَّة. أي بمفهوم يقوم على مضامين وجوديَّةٍ- ذاتيَّةٍ ثلاثة:
. المضمون الأول: فهم مفهوم العالَم انطلاقاً من الذَّات،
. المضمون الثَّاني: فهم مفهوم العالَميَّة انطلاقاً من إمكانات الذَّات في بناء عالَمِها الخاصّ، (العالَميَّة- في- كُلِّ- مَرَّةٍ)،
. فهم مفهوم العالَم، انطلاقاً من قضية- واجب- نمط وجود، تضطلع بها الذَّات في أن تكون، في كليَّتِها، فيها. وبذلك تكون الذَّات متوفِّرَةً على عالميَّتِها الخاصَّة قَبلَ الولوج إلى العالَم الخارجي الذي نعرفه.
[IV]
يرتبط التَّساؤل الثَّاني بمستوى من مستويات الوعي المجتمعيِّ يتعلَّق بمفهوم المجتمعيَّة. أي بمفهوم يقوم على مضامين مجتمعيَّة- غَيْرِيَّة ثلاثة:
. المضمون الأول: فهم مفهوم الوجود المجتمعيّ انطلاقاً من المجتمع،
. المضمون الثَّاني: فهم مفهوم الإنوجاد المجتمعيّ بوصفه فعلاً مجتمعيَّاً انطلاقاً من إمكانات يوفِّرها المجتمع للذَّات في بناء الفعل الذي من شأنها، (المجتمعيَّة- في- كُلِّ- مَرَّةٍ)، III- فهم مفهوم المشروعيَّة المجتمعيَّة للفعل، انطلاقاً من الضرورة والإلزام، تضطلع بها الذَّات في أن تكون مجتمعيَّة. وبذلك تكون الذَّات متوفِّرَةً على المجتمعيَّة الخاصَّة بها قَبلَ الولوج إلى المجتمعيّ العامّ الذي نعرفه.
[V]
ماذا يعني أن نكون، في سبيل التَّساؤل عن جذر الوحدة، أمام فهمها كالآتي: ترتبط الوُحدة بممارسة ذاتيَّةٍ تنتمي إلى إمكانات ذاتيَّة من شأن الذَّات في أن تكون ذاتها. وهي ترتبط، على هذا النحو، بمفهوم الهَويَّة التي من شأن الذَّات.
على ماذا تقوم، انطلاقاً من المنظور النظريّ هذا، إذن، ثُنائيَّة [الذَّات- والهَويَّة]؟ وبأية معانٍ يمكن التَّفكير بهما بوصفهما مفهومَيْن ينتميان إلى التجربة الوجوديَّة التي للفرد؟
يرتبط مفهوم الهَويَّة بـ[أن- نوجد]، وفقاً لما هو خارج عن إرادة الفرد، كما يرتبط مفهوم الذَّات بـ[أن- نكون]، وفقاً لما هو داخل إرادة الفرد. وذلك يقوم، في جذره السحيق، على الرابط الوجودي بين طَرَفَيْ هذي الثُنائِيَّة، في المنظور الذاتيِّ- الوجوديِّ الآتي: يكون الفرد انطلاقاً من إمكانات الذَّات، لها، ومنها، بوصفه [متميِّزاً- عن- الآخر]، بَعْدِيَّاً، على أرضيَّة القَبْليِّ Priori الذي يوجد الفرد فيه،
وبه.
[VI]
فماذا يعني، في المفهوم الثَّالث، أن نتساءل عن الذاتيَّةِ بوصفها حقلَ الوجودِ الكُلِّيِّ الذي من شأن الذَّات المتوفِّرة، أساساً، على إمكانات وقدرات، ضمن مفهوم الحُرِّيَّة بوصفه مسؤوليَّةً والتزاماً، وإلزاماً مجتمعيَّاً؟
إنَّ ذلك يقوم على وضع الحُرِّيَّة في المعنى الأكثر جذريَّةً الذي من شأنها؛ أي أخذها من جهة كونها ضرباً من ضروب ممارسة [الذَّات- داخل- المجتمعيِّ]. فمن جهةٍ، هي تتضمَّنُ المسؤوليَّةَ والالتزامَ بوصفهما الوسيلة التي من شأن تحقيق الهدف الذي داخل الفعل المجتمعيّ، ومن جهةٍ أخرى، هي تشتمل على إلزامٍ مجتمعيٍّ من جهة كونها تتوفَّر على وعي الهدف والمعنى داخل الفعل المجتمعيّ