{أكثر من ١٠٠دولار}

اسرة ومجتمع 2018/12/18
...

شيماء عماد زبير
في صباح يوم بارد وقف رجل في إحدى محطات المترو في العاصمة الاميركية واشنطن وبدأ يعزف الكمان، كانت مقاطع مختارة من ارقى مقطوعات الموسيقي العبقري باخ لمدة 45 دقيقة...خلال ذلك الوقت “ولأنها كانت ساعة الذروة”، مر نحو 1100 شخص في محطة المترو، معظمهم في طريقهم إلى العمل...مرت ثلاث دقائق،تباطأ رجل في منتصف العمر في سيره وتوقف لبضع ثوان، وهو يستمع لمقطوعة الموسيقي، ثم هرع للحاق بالوقت... بعدها بدقيقة، تلقی عازف الكمان الدولار الأول من امرأة ألقت له المال بدون ان تتوقف وواصلت المسير! 
شخصٌ استند إلى الجدار للاستماع إليه لبضع دقائق، ثم نظر إلی ساعته وبدأ المشي مرة أخرى وكان من الواضح أنه  قد تأخر عن العمل...كان من أبدى أكبر قدر من الاهتمام طفل عمره 3 سَنَوات، كانت والدته تحثه علی السير لكنه توقف لإلقاء نظرة على عازف الكمان...وأخيراً، واصل الطفل المشي، مديرًا رأسه طوال الوقت، وكرر هذا الأمر العديد من الأطفال الآخرين..جميع الآباء، دون استثناء، أجبروا أطفالهم على مواصلة السير وجميع الأطفال دون استثناء حاولوا التوقف والاستماع...في 45 دقيقة من عزف الموسيقى، لم يتوقف ويستمع لمدة من الوقت سوى 6 أشخاص...ومن الذين مروا 20 منهم فقط قدموا له المال، ثم واصلوا السير بوتيرة طبيعية...كانت نهاية 45 دقيقة من العزف مبلغ 32 دولارا...عندما أنهى العزف و ران الصمت، لم يلاحظ ذلك احد، ولم يصفق أحد....
 و لا أحد لاحظ أن عازف الكمان هذا هو “جوشو بيل”واحد من اكبر وأشهر الموسيقيين الموهوبين في العالم. وأنه عزف مجموعة من القطع الموسيقية الأكثر تعقيدًا، وانه يعزف علی كمان قيمته 3.5 ملايين دولار، وانه قبل يومين من لحظة عزفه في مترو الإنفاق، بيعت بطاقة الدخول لحفلته في أحد المسارح في بوسطن بمتوسط
 (100 دولار).
جوشو بيل عزف في محطة المترو ضمن تجربة نظمتها “واشنطن بوست” كدراسة اجتماعية حول”الإدراك وأولويات البشر” كانت الفكرة الاساسية هي.
- هل ندرك الجمال في جو غير مناسب وفي ساعة غير مناسبة؟
 - هل نتوقف لنقدّره؟
- هل نتعرف على الموهبة في سياق غير متوقع؟
أحد الاستنتاجات الممكنة من هذه التجربة يمكن أن تكون:إذا لم تكن لدينا لحظة للتوقف والاستماع إلى واحد من أفضل الموسيقيين في العالم يعزف أفضل موسيقى كتبت لآلة الكمان! فكم من الأشياء حولنا أثناء مسيرة الحياة تفوتنا ونحن لم نستمتع بها؟
هذا بالضبط مانشرته الـ”واشنطن بوست” ونقلته لكم ،، ادركت ذلك عندما غادرت العراق بسبب الحرب والارهاب غادرت البيت وتناثر الأهل والاصدقاء كما وصفتها الكاتبة العراقية القديرة انعام كه جه جي في رواية”طشاري” بدأنا كل يوم ندرك ان وطننا جميل وفيه تفاصيل عظيمة ولمتنا كانت فيها من الحب الكثير والتسامح والعطاء وكم مرت علينا تفاصيل لم ندرك جمالها لهذا ربما تجدونني اكثر انغماسا في كتاباتي عن ايام الطفولة وانا أطرح افكاري من خلال سطورصحيفة” الصباح” لأَنِّي واثقة ان من يقرأ يتحد مع السطور من خلال مساحة الماضي الذي يجده اجمل ويجمعنا ندم كبير اننا لم نقدر تفاصيله وجمالياته ظناً من إدراكنا ان هذه الجماليات ليست مهمة في ذلك الزمان، اليوم انا أعيش واحفظ الدرس بعد ماحدث لنا في حكايتنا مع الوطن لا اترك تفاصيله تفوتني الا وانا اعيشها بفرح وحزنها يجعل نفسي وثابة باتجاه الأمل 
والتفاؤل. 
ففي التفاصيل سعادة وتذكروا دائما اننا في حياتنا لانغير الدوائر الكبيرة، لكن لابد ان ندرك ان الدوائر الصغيرة ضمن قدرتنا فلنعشها بذكاء وفرح، ولتكن ساعتنا في العزف مع الحياه اعلى من جوشو بيل.