التكيفُ مع الظروفِ من سماتِ الشخصية ِالناجحة

اسرة ومجتمع 2018/12/18
...

يونس جلوب العراف
 
لابد للإنسان أن تكون له القدرة على التكيف مع الظروف كون هذه السمة هي من سمات الأسرة الناجحة، فالأفراد الذين لا يستطيعون التوافق مع الظروف التي تواجههم في  محيطهم وتقابلهم في حياتهم، فإنهم يكثرون الشكوى والتذمر ولا يشعرون بالرضا والطمأنينة، ولا يقومون بأعمال نافعة وناجحة مهما كانت بسيطة
لذلك تراهم يعيشون بحياة متعبة وغير راضين عن أي شيء ويبحثون عن معيشة خالية من الاضطرابات وهو ما يؤثر بشكل سلبي في الأسرة بصورة وليس على نفسه فحسب .
 
منغصات
يقول الدكتور محمود عيسى الخفاجي إن: الحياة فيها الكثير المنغصات التي لابد ان يتوافق الإنسان معها والمعنى الصحيح للتوافق هو قدرة الفرد على التكيف مع نفسه والتكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه، وهذا يؤدي إلى التمتع بحياة خالية من الاضطرابات مليئة بالراحة النفسية والرضا وهو ما ينعكس على تصرفاته داخل الأسرة .
وأضاف: ان من أهم السلوكيات التي يسلكها الفرد ويمكن ان تنعكس على الأسرة وتكون من خلاله ناجحة هو ان يسلك سلوكاً معتدلاً يدل على التوافق والاتزان في ظل مختلف الظروف وهذا معناه قدرة الفرد على السيطرة على العوامل التي تؤدي إلى اليأس أو الهزيمة المؤقتة مستعيناً بقدرته على التحكم الذاتي و بإدراكه وبصيرته ومثل هذا الإنسان يعيش في توافق وسلام مع نفسه وفي محيط أسرته ومحيط عمله ومجتمعه.
ويرى الخفاجي ان شخصية الفرد مرتبطة بشكل او بآخر مع الآخرين لذلك يجب ان تكون  قدرة الفرد واضحة على التوافق مع نفسه وغيره في مجتمعه معتمداً على مرونته وسعة افقه وقدرته في السيطرة على انفعالاته هو دليل على النضج وتكامل شخصيته.
الدكتور سمير موسى يؤكد أن الحياة ليست دائما كما يرغب الإنسان لذلك عليه العمل على موافقة الظروف والانسجام معها وتعد هذه الموافقة نمطاً من المسالمة لا نمطاً من الاستسلام وتأتي على هيئة مسايرة الفرد للظروف والأحوال التي تقابله والتي تتطلب منه أن يعدل قليلاً من اتجاهاته، ومشاعره بحيث أنه إذا فشل في هذه المسالمة فإنه يقف جامداً أمام ظروف الحياة وما فيها من تغير مستمر.
وتابع: ان الانسان عليه ان يدرك الحياة مستمرة في الدوران ومادامت توجد حياة، فتوجد مواجهة لظروف متغيرة ما يضطر الفرد إلى مسالمتها والانسجام معها بصفة مستمرة وهي المسمى في الأخلاق المداراة، ومن دارى الناس أعقلهم.
ويرى ان الأفراد هم جزء من مجموع يمثل المجتمع فعليهم التوافق مع أنفسهم اولا  و بينهم وبين الآخرين أو بينهم وبين الظروف التي تقابلهم في حياتهم لذلك عليهم ألا يكثروا من الشكوى والتذمر، فذلك يؤدي الى ان تسوء معاملاتهم مع غيرهم من الناس، ولا يشعرون بالرضا والطمأنينة، ولا يقومون بأعمال نافعة وبالتالي لا يقومون بأعمال ناجحة، ويشعرون بالغيرة والحسد، ويشعرون بالنقص ويشعرون أنهم أقل من غيرهم كفاءة، وقد يقدمون على أعمال عدوانية بصور متعددة ويفقدون السيطرة على انفعالاتهم وهذا دليل على عدم التوافق أو النضج أو تكامل 
الشخصية.
 
المرونة
الباحث محسن ريكان يشيرالىأن الظروف هي من تصنع شخصية الإنسان في كثير من الأحيان، فهي تبين قدرة المرء على التكيف مع المحيط الذي يعيش فيه رغم العقبات التي تعترضه والأشخاص الجدد الذين يدخلون حياته، أمر مهم للغاية ليكون ناجحا على المستويين الشخصي والعملي.
واضاف بحسب درجة قدرة المرء على التكيف فإنه يبقى ثابتا ومتفائلا مهما اعترضته من صعاب وتلك الصعاب تتراوح بين المشاكل العائلية والمهنية والاقتصادية وبصرف النظر عن نوع الصعوبة التي تعترض المرء الناجح فإنه يسعى لتحويلها لفرصة جديدة يمكن أن تسهم بتطوير قدراته على المدى القريب أو البعيد.
وتابع ان المرونة في التعامل مع الاخرين تسهم في الكثير من الاحيان في التغلب على الصعوبات والظروف، والمقصودة بالمرونة هنا هي استجابة الفرد للمؤثرات الجديدة التي تواجهه في حياته استجابة ملائمة، فالشخص غير المرن لا يتقبل أي تغيير يطرأ على حياته ومن ثم توافقه يختل ومعنى ذلك أن توافق الشخص يكون أسهل كلما كان مرناً والوسطية فيها أفضل شيء كما عن الإمام علي (عليه السلام) “لا تكن صلباً فتكسر ولا
 ليناً فتعصر”.
 
مقاومة الضغط
الباحث النفسي مؤيد داود يرى ان الضغوط النفسية موجودة بشكل كبير في حياتنا اليومية لذلك يجب مقاومتها حيث ان  مقاومة الضغط بحسب علم النفس هي أحد أشكال فهم الحياة وهو ما يجب ان يسعى اليه الانسان في مختلف الظروف .
واضاف:ان جميع البشر لديهم القدرة على مقاومة الضغوط حيث لا تعد القدرة على مقاومة الضغط استثنائية إذ يمكن ملاحظتها لدى أشخاص عاديين يظهرون مقدرة رائعة على التعافي أمام ضربات الحياة القاسية.
وتابعأن تكون مقاوماً للضغط لا يعني أن تكون بارداً أو مقدراً للعواقب فالقدرة على مقاومة الضغط هي قدرة توجّهنا نحو المستقبل والرجاء، وأولاً نحو العمل ويمكن لهذه القدرة أن تُكتَسب لأنها ليست ميزة في الشخصية يتسم بها البعض دون سواهم.
ويجد: ان مقاوم الضغط هو الشخص الذي يقدر رغم الألم والظروف المعاكسة أن يستكمل حياته من دون أن يفقد السيطرة أو يبدأ من جديد عندما تكون كل الأمور قد سارت بشكل سيئ.
وتابع هناك عوامل كثيرة تسهم في التحلي بالقدرة على مقاومة الضغط يتمثل أحدها في بناء علاقات مهمة مع البيئة المحيطة بك، من خلال أقربائك وأصدقائك.
ويتجسد العامل الآخر في وضع مخططات واقعية، وتصميم الخطوات التي يجب إتباعها فيها بشكل جيد، والتمتع برؤية إيجابية للذات، والقدرة على السيطرة على 
انفعالات قوية.
 
 مع التغيير
المعالج النفسي كامل راضي يقول: في جميع مراحل حياتنا علينا ان نتقبّل أن التغيير سيئ أساسي في الحياة  فلا تطور من دون تغيير، ورغم الرغبة في عدم التطور في أي شيء، إلا أن التغيير سيحصل لذلك سيساعدك التكيّف مع التغيير على بدء ستراتيجيات أكثر ديناميكية وتمييز ظروف حياتك غير القابلة للتغيير من تلك التي يمكن تغييرها في سبيل تحسين 
ما تريده.
واضاف ان على الإنسان تجنب اعتبار الأزمات في حياته مشكلات لا يمكن تخطيها فالإنسان  ليس بوسعه أن يتفادى ظهور الأحداث المثيرة للتوتر في حياته وفي المقابل وعلى من كبر ما يواجهه من ظروف الا انه قادر على تحسين ردة فعله تجاهها وعليه  محاولة توسيع رؤيته وان يعرف أن معظم العوامل المجهدة هي مؤقتة، وليست ثابتة أو دائمة وإذا كانت كذلك لذلك عليه وضع خطة تنظيم لعمله وحياته من اجل الوصول الى النجاح.