الهنين يكشف عن مقترحات الموازنة وتسمية الوفد التفاوضي مع أميركا

العراق 2020/04/21
...

بغداد/ واع/ نصار الحاج
 

أعلن مستشار رئيس الوزراء عبد الحسين الهنين إعداد مسودة جديدة لقانون الموازنة العامة، تتضمن مقترحات تتعلق بتقليل الهدر وضبط النفقات، وبينما أشار الى نجاح الحكومة الحالية بتفعيل مختلف القطاعات، كشف عن تسمية الوفد العراقي المفاوض مع الجانب الأميركي بشأن إعادة ترتيب العلاقة والانسحاب.

وقال الهنين في مقابلة مع وكالة الأنباء العراقية (واع): إنَّ «الفريق المكلف من رئيس الوزراء أعد نموذجاً جديداً لقانون الموازنة العامة للعام الحالي، ولأول مرة اعتمد فيها سعر النفط بسعرين، ثابت ومتحرك»، مبيناً أنَّ سعر النفط المقترح في الموازنة يقدر بـ30 دولاراً، وأصبحت أقل بكثير عن الموازنات السابقة وفقاً للمتغيرات». وأضاف إنَّ «السعر الثابت في إعداد الموازنة سيغطي الرواتب والأساسيات، وشراء الأدوية والبطاقة التموينيَّة وقضايا الطاقة، فضلاً عن التزامات أخرى».
 
مقترحات الموازنة
وأوضح أنَّ «مقترحات عديدة ضُمنت في قانون الموازنة، الذي سيتم رفعه لمجلس الوزراء للتصويت عليه، ثم إرساله الى مجلس النواب، من بينها منع تقاضي أكثر من راتب وتخيير الشخص المعني في اختيار من يراه مناسباً، كما تضمن قطع المخصصات التي لم تغط بقانون».
وبين أنَّ «المقترحات الأخرى التي تضمنها قانون الموازنة، هي وضع سلم ثابت بأعلى سقف للرواتب لجميع الفئات، بدءاً من الرئاسات (الجمهورية، الوزراء, النواب) على أنْ يكون من 5 إلى 6 ملايين كسقفٍ أعلى، ثم يبدأ نزولاً حسب التسلسل الوظيفي، بالمقابل تم الاتفاق مبدئياً على إيقاف تسديد القروض المترتبة بذمة الموظف لدى المصارف المملوكة للدولة، وكذلك صندوق الإسكان لحين تحسين الوضع المالي وعودة نشاط السوق وهذا قد يتطلب عاماً أو عامين أو أكثر مع احتمالية إطفاء الديون إنْ اقتضت الحاجة».
 
عجز الموازنة
ونوه الهنين الى أنَّ العجز المتوقع في الجزء الثابت من قانون الموازنة للعام الحالي يقدر بـ20 ترليوناً، الذي سيكون متغيراً مع إمكانيَّة تغطيته من السعر المتغير المعدّ في قانون الموازنة، الذي سيكون أيضاً له دورٌ في إكمال المشاريع المتوقفة وتطوير النظام الصحي وبناء المستشفيات وتطوير الطرق والمدارس وغيرها من المشاريع المهمة. ولفت الهنين الى وجود مخصصات مرتبطة بالقوانين الخاصة، كقانون الخدمة الجامعيَّة الذي يتطلب تغييره تعديلاً في القوانين وتشريعه في البرلمان. وبين أنَّ جميع الحكومات التي تعاقبت ما قبل 2003 وما بعده كانت تعتمد بشكلٍ أساسي على موردٍ واحدٍ المتمثل بالنفط، الذي دائماً ما يعطي أريحيَّة للدولة في أوقات الوفرة ويفسح المجال أمام دعوات الى زيادة الرواتب والتخصيصات وإطلاق فرص التعيين، ما ألقى تأثيراً في تضخم الدولة بشكل غريب.
 
إصلاح الاقتصاد
وأوضح أنَّ «رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وضع رؤية في برنامجه الحكومي، تستند الى أسسٍ في تطوير القطاعات الزراعيَّة والصناعيَّة وكذلك قطاع الطاقة, وكانت السنة الأولى تعبر عن نموٍ واضحٍ في جميع القطاعات وهذا تم نشره في تقرير الإنجاز الحكومي بالأرقام وبأسماء المشاريع، إذ تجاوزت نسبة نجاح البرنامج الحكومي معدل 76 % وهي نسبة عالية جداً, والأهم إنَّ الحكومة وضعت مسطرة للقياس والمحاسبة, لكنَّ الخائفين من نجاح الحكومة لجؤوا الى الشعارات وتأليب الشارع وقد نجحوا في ذلك، ما شلَّ كل الأنشطة المنتجة بشكلٍ شبه كامل.
ولفت الهنين الى أنَّ معدل النمو في العراق زاد بمقدار 6 بالمئة بسبب الدعم الذي قدمته حكومة عبد المهدي للقطاع الزراعي والقطاعات الإنتاجيَّة، مؤكداً أنَّ المساحة المزروعة تقدر بـ 17 مليون دونم مع وجود خطط لزيادتها لـ20 مليوناً.
وأشار الى وجود عوامل شجعت الفلاحين من خلال نموذج (دعم مخرجات الإنتاج)، من بينها تسديد مستحقاتهم وتسويق المحاصيل بأسعار عالية، ما سبب بالمقابل اتساع المساحات الزراعيَّة التي أسهمت بتوفير الخزين الغذائي في ظل أزمة كورونا وتوزيع بعض مفردات البطاقة التموينيَّة من الإنتاج المحلي، فمثلاً تم تسويق أكثر من 5 ملايين طن من القمح في الموسم الماضي وهناك معدلات قياسية أيضاً لإنتاج الرز، إذ زاد الإنتاج 13 ضعفاً والأمر ينطبق على بقية المحاصيل, ويتوقع أنْ تزيد هذه السنة بفعل توفر الثقة لدى المزارعين بتسلم أموالٍ مجزية مقابل إنتاجهم الذي صنع أمناً غذائياً واضحاً وكانت تجربة الحظر بسبب وباء كورونا دليلاً عملياً على أهمية الإنتاج الزراعي المحلي، إذ تم غلق الحدود ومنع الاستيراد بشكلٍ شبه كامل.
وبشأن إعادة تفعيل المصانع لفت الهنين الى «أهمية القضاء على البيروقراطيَّة وتفعيل دور الشراكة مع القطاع الخاص وتقديم تسهيلات للمستثمرين العراقيين، لا سيما الدخول في مفاوضات لبيع المصانع المتوقفة الى المواطنين العراقيين من خلال الاكتتاب العام الداخلي أو أي طريقة أخرى مفيدة بسعر تشجيعي شرط إعادة تشغيله بالطاقة المعدة ذاتها وتشغيل الأيدي العاملة المحلية»، لافتاً إلى أنَّ «القضاء على المظاهر المسلحة يأتي من الإصلاح الاقتصادي وتوفير الأيدي العاملة التي من شأنها القضاء على هذه الظاهرة، وكذلك التقليل والحد من الجرائم وعمليات السطو، التي قلتْ بشكلٍ كبيرٍ في عهد الحكومة الحالية بعد تفعيل بعض القطاعات».
وبين أنَّ الحكومة الحالية نجحت بتحسين زيادة الطاقة الكهربائيَّة بنسبة زادت على 25 % وتقليل القطع المبرمج على المواطنين، وقد وصلت في بعض المناطق، لا سيما البصرة، الى استمرارها على مدار 24 ساعة وقد وصل إنتاج الطاقة الكهربائيَّة في الصيف الماضي الى أكثر من 19000 ميكاواط، وكان المخطط أنْ يكون التجهيز هذا العام بمعدل يقترب من 21000 ميكاواط, وتم تحسين وضع شبكة النقل والتوزيع التي كانت تعاني لسنين طويلة من القصور في تصريف الطاقة المنتجة.
 
ملف التظاهرات
ونبه الى أنَّ التظاهرات التي انطلقت في مطلع تشرين الأول الماضي، كان يراد انطلاقها من البصرة تحت ذريعة استغلال انقطاع الكهرباء وعدم وجود مياه، الآن هذا المخطط قد تم إفشاله بعد نجاح الحكومة بزيادة تجهيز الطاقة على مدار 24 ساعة، فضلاً عن توفير المياه الصالحة للشرب لتنتقل الى الخطة (ب) بانطلاقها في محافظات أخرى»، مؤكداً أنَّ التظاهرات، بالرغم من وجود مطالب مشروعة في البحث عن فرص العمل ومحاربة الفساد، لكنها عطلت عمل الدولة لأكثر من سبعة أشهر».
وأشار الى أنَّ رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عمل منذ تسنمه مهمة رئاسة الحكومة بإصلاح الكثير من الجوانب، منها الانتقال من الوظيفة الى العقد بدفع المستحقات المالية حسب الكفاءة، وإنجاز المهام»، مبيناً أنَّ غالبية الموظفين في الدولة يتقاضون رواتب أعلى بكثير من حجم الناتج المقدم.
 
ديون العراق
وأضاف إنَّ «ديون العراق الخارجيَّة تقدر بـ23 مليار دولار، موزعة بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة جايكا وتعويضات الكويت والمتبقي من ديون نادي باريس، علاوة على دولٍ أخرى، فضلاً عن الديون الداخليَّة التي لن تشكل أي خطر».
 
المفاوضات مع الشركات النفطيَّة
وأكد الهنين أنَّ العراق بدأ مفاوضاته مع الشركات النفطية قبل أزمة كورونا من أجل تقليل المبالغ التي تشكل الكلف التشغيليَّة لمشاريع عقود جولات التراخيص والتي تقدر سنوياً بحدود 11 مليار دولار»، مبيناً أنَّ المفاوضات تتضمن بحثاً معمقاً، لا سيما مع تخفيض سقوف الإنتاج وفق قرار أوبك الأخير والتي ليس من المعقول الدفع للشركات من دون إنتاج. وأوضح أنَّ التزام العراق بقرار التخفيض مرهونٌ بالتزام جميع الدول بالحصص المقرة لها ونسبة التخفيض»، مبيناً أنَّ اتفاق أوبك الأخير اشترط صعود أسعار النفط وهو جانبٌ إيجابي للعراق، في ظل أزمة كورونا وتراجع الطلب العالمي على النفط وتوقف المصانع وتخمة الخزين النفطي.
وقد يشكل ملف تحويل بيع النفط الأسود الى شركة تسويق النفط (سومو) أهم القرارات التي وقفت للحد من الفساد، إذ مثل هذا القرار إعادة نحو مليار دولار الى الخزينة العامة للدولة, وقد يكون هذا الملف تضاف له إحالة مسؤولين كبار الى النزاهة (نحو 100 ملف) قد يكون سبباً مباشراً لإثارة نقمة الكثيرين من السياسيين ضد عادل عبدالمهدي وتوجيه قنوات إعلاميَّة وفضائيَّة يملكها فاسدون لإثارة الرأي العام وصناعة السخط ضد الحكومة.
 
استثمار الغاز
وبشأن استثمار الغاز، أكد الهنين، أنَّ الحاجة الفعليَّة للعراق من الغاز تقدر بـ(5500) مقمق والذي ستكون غالبيته لتشغيل محطات الطاقة الكهربائيَّة لزيادة كفاءة الإنتاج وكذلك لتقليل الإنفاق على الصيانة، فضلاً عن رخص الغاز، وتقوية موقف العراق السيادي في هذا الجانب الحيوي، مبيناً أنَّ استثمار الغاز العراقي وفق التعاقدات والخطط الموجودة سوف لن تتجاوز طاقته (3500) مقمق، ما يعني أنَّ العراق سيبقى يحتاج الى نحو (2000) مقمق لغرض سد الحاجة المحلية من الغاز.
وأشار الى أنَّ العراق سيضطر الى استيراد الغاز من إيران أو قطر أو روسيا أو أي دولة بالعالم لتغطية الحاجة المحليَّة، مرجحاً استثمار جميع الغاز العراقي خلال سنتين. واقترح الهنين بأنْ يفتح العراق أبوابه الى الغاز العالمي سواء الروسي أو الإيراني أو القطري، من خلال مد أنابيب عبر أراضيه الى أوروبا.
 
حوار ستراتيجي مع واشنطن
وأشار الهنين الى أنَّ الجانب الأميركي وافق عملياً على رؤية رئيس الوزراء في إعادة الانتشار والانسحاب».واضاف إنَّ الرسالة التي تسلمتها الحكومة العراقيَّة تتضمن فتح حوار ستراتيجي في حزيران المقبل، لافتاً الى أنَّ الحكومة سمت وفد العراق التفاوضي الذي سيكون برئاسة وكيل وزارة الخارجيَّة وممثلين عن الجيش والأمن الوطني والمخابرات والاستخبارات وجهات أخرى معنيَّة بهذا الملف». وأوضح أنَّ «الرسالة الأميركيَّة الأخيرة كانت تشير الى إعادة انتشار قواتهم الى خارج العراق»، مؤكداً أنَّ «العراق يريد بناء علاقات متوازنة مع جميع الدول ولم يسمح باستغلال أراضيه كمنطلق لتهديد الدول».
 
الحظر الجزئي
ولفت الى أنَّ «قرار رفع الحظر الجزئي جاء بناءً على تقديرات الخبراء ومن ضمنهم خبراء من منظمة الصحة العالميَّة ومختصين بالأوبئة»، مؤكداً وجود مراجعة دوريَّة لقرار رفع الحظر الجزئي وسوف تتخذ قرارات وفق التطورات المتعلقة في الموقف الوبائي.