زيد الحلّي
أتاحت لي هويتي الصحفيَّة، أنْ أرصد في تجوال حرٍ في بعض مناطق بغداد أثناء مظاهر الحظر الشامل الذي عشنا أيامه، قبل أنْ يتحول الى حظر جزئي.. مشاهدة ما يسر من مواقف أفرحتني رغم معاناتنا من فيروس "كورونا"، سأشير إليها في كتابات لاحقة، كما لمستُ ما لا يسر من مشاهدات آلمتني كثيراً، ربما آتي على ذكرها مستقبلاً.
غير أنَّ الملاحظة التي ملأتني سروراً وبهجة، كانت الروح العراقيَّة التي أدارت وجهها عن القبح والألم والتعب الذي سببته "كورونا" واتجهت نحو الأمل والمستقبل، إذ شاهدتُ إقبالاً غير مسبوق تمثّل في توجّه المواطنين الى المشاتل الزراعيَّة التي توفر الزهور والشتلات المتنوعة وطيور الزينة. كان ازدحامهم على التبضع كبيراً، إنه صورة للأمل عند العراقيين في الحياة. بماذا تفسرونه؟ هذا السؤال أوجهه لعلماء الاجتماع عندنا.
شخصياّ، حمدتُ الله، لأنَّ الأمل في نفوس العراقيين ما زال ينبض بالحياة، فضلاً عن أنَّ إرادتهم قوية، مرتكزة على الوعي الناجز، ويمتلكون ثقة كبيرة بالذات، ويدركون أنَّ الرؤى السوداء تؤدي الى اليأس والعجز، وأعني هنا، عجز الروح لا عجز الجسد، فالزهرة التي تتبع الشمس تنشد الأمل حتى في اليوم المليء بالغيوم. وها هُم، يتخلصون تدريجياً من ضغط الصدمة وتسارع أحداثها، وأعادوا ترتيب أولوياتهم من خلال نظرة الأمل والتفاؤل التي ملأت نفوسهم. ولستُ أغالي إنْ قلت إننا شعبٌ متميز، في تاريخه وحاضره، وهو يجيد قيادة ذاته مهما خذلته عاديات الزمن من حروب وأمراض، والمتميزون يؤمنون، بضرورة التمسك بالتفاؤل، والتسلّح بالطاقة الإيجابيَّة.
لقد أربك الانبعاث المفاجئ لفيروس كورونا العالم، وجعل سكّان الكرة الأرضيَّة أجمعهم، يضعون الشكّ محل اليقين، لا سيما حين زادت هذا الأسبوع، وتيرة الاتهامات بين القوى الدولية الكبرى (أميركا والصين) بشأن هذا الفيروس، فمنهم من يقول إنه من نتاجات المختبرات المعمليَّة، وغيرهم يؤكد أنَّ الأمر لا يتعدى ظهور فيرس مستجد تحدّى البحث العلمي، وبين هذا وذاك زُهقت أرواح مواطنين أبرياء في أرجاء العالم!
وردة قرنفل أقدمها لكل مواطن عراقي ينظر الى الحياة والوطن بعين التفاؤل، ويسعى الى الحفاظ على أسرته من هذا الوباء، من خلال التقيد بتعليمات الجهات الصحيَّة المختصة فقط، وعدم التأثر أو الاكتراث بخطابات الترويع والهلع، التي تنتشر حالياً على منصات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الالكترونيَّة مجهولة المصدر.
إنَّ الحرص على عافية الوطن هو الأسمى، رغم معاكسة الظروف التي أحاطت بالجميع, فلا بدَّ أنْ تعود راية الفرح الى سارية قلوبنا، فالثقة بالله أزكى الأمنيات، والتوكل عليه أوفى عمل.