تـلفـزيون جـمهوريـة العـراق.. تـاريـخ وابداع

فلكلور 2020/05/02
...

بغداد / محمد اسماعيل
 
وجهني الزميل مدير التحرير ، الى كتابة مقدمة للصفحة الاحتفالية، التي كلفني بتحريرها، ابتهاجا بمناسبة حلول الذكرى الرابعة والستين لعيد تأسيس تلفزيون العراق. ولم أجد مقدمة أبلغ مما حدثني به المخرج فيصل الياسري، قصةً للتقديم، ترضي ذائقة الروائي عبد الستار، كمجس أول لرأي القراء.. غدا.. عندما تعلق “الصباح” على واجهات أكشاك بيع الجرائد غير المشمولة بحظر كورونا ذائع الصيت.
ذكر الياسري: “عند قبولي طالبا لفن التلفزيون، في جامعة نمساوية العام 1957، قال أحد الاساتذة: “أنت العراقي، آت لتدرس التلفزيون، ماذا ستفعل بالشهادة عند التخرج عائدا الى وطنك الذي لن يفكر بالتلفزيون بعد عقود” فصححت له: “العراقيون يفوقون معلوماتك القاصرة عنهم؛ لأن البث التلفزيوني إنطلق منذ عام في العراق.. أيها الاكاديمي” مؤكدا: “عمل التلفزيونيون العراقيون.. حال بدء البث، بجدية لكنها بسيطة.. قوامها عناصر المجتمع التلقائي ومحاولتهم استيفاء نبض تفكير الناس التلقائيين في الشارع، وتحويله الى مادة درامية او برامجية مشوقة.. كانوا صانعي فن من “الماكو” بالمقابل كانت الناس على فطرتها تسليها أي مادة». اضاف: “تواصل تلفزيون العراق مع هواجس المجتمع.. في الاعياد والمناسبات.. حزنا وفرحا.. فصاروا يشعرون أنه منهم” متابعا: “وجود جهاز التلفزيون في البيت مكمل لافراده، وتلك قمة المنجزات التي فخر بها اساتذتنا ونفخر بها ورثا منهم ورَّثناه للاجيال التالية علينا، متمنيا لشبكة الاعلام وريثة مجد تلفزيون العراق دوام النجاح ومواصلة التقدم، داعيا للقائمين عليها بخطى سديدة تواكب ما تفوقوا في تحقيقه خلال السبعة عشر عاما التي مضت، وهي قطعة مستقيم في شعاع بدأ يوم 2 أيار 1956 ولن يتوقف الى الابد إن شاء الله».
 
المقدمة
ما زلت أحتفظ بحق منحني إياه مدير التحرير، في كتابة مقدمة أحتفي من خلالها بمرفأ عملي شبكة الاعلام العراقي.. تلفزيونيا؛ لاستهلال هذه الصفحة الخاصة بمناسبة عيد تأسيس تلفزيون العراق.
وتلفزيون العراق، يقدم سواه من نظرائه في المنطقة.. ميلادا وعطاءً من خلال تقدمه في الزمن، كبداية بث، لم يسبقه إليه تلفزيون آخر في المحيط الدولي من حولنا، وكتعامل نوعي مع آليات البث وتقنياته، من جهة ثانية، ومن جهة ثالثة، الاعمال الدرامية والبرامجية والاخبارية، التي دأب تلفزيون العراق على بثها، ما زالت تشد الناس.. حد خلو الشوارع من السابلة، وفي مراحل متقدمة، صارت الدول القريبة تتسلم البث العراقي بمقويات تنصبها من جانبها؛ كي تتمتع شعوبها بالمستوى الراقي والجميل، الذي يتميز به تلفزيون العراق، ولم يفرط تلفزيون “العراقية” من شبكة الاعلام العراقي، بتلك المكتسبات المعنوية، إنما عززها بأعظم منها.
لم ينفصل التلفزيون عن القضايا المصيرية التي تخص الشعب العراقي، وهو يجد فيه إجابات.. مباشرة وغير مباشرة.. عما يقلق الناس.
تعاقب على العمل فيه إداريو إعلام ومخرجون ومدراء استديوهات ومذيعون ومقدمو برامج ومراسلون وملاكات تقنية، من طراز رفيع، حافظوا.. حتى في عقود التفرد السياسي من 1968 حتى 2003 .. على مستوى مقبول، برغم شدة الاشتراطات، التي يحتوونها بمهنية لا تمتلك القدرة على مواجهة سلطة الإملاءات، لكنها لم تفرط بذوق المشاهد، ولم تدعه ينفرط منها.. متابعا مشدودا بذكاء القائمين على صناعة التلفزيون جملة 
وتفصيلا.
واجهت الولادة الثانية او البدء من نقطة شروع في منتصف الطريق، بعد 9 نيسان 2003 معوقات تصدى لها مؤسسو شبكة الاعلام العراقي بإحترافية مكنت تلفزيون العراق من حمل رسالة الديمقراطية الآتية في ظروف بالغة القسوة.. فراغ السلطة وغياب الامن ووجود جيش أجنبي و... لكن شبكة الاعلام العراقي، تحدت الارهاب، الذي أراد إقاف البث، بالقتل والاقتحام والخطف وكل ما لا يخفى على القارئ، مواصلة إستحصال التقنيات الهندسية الحديثة والتوسع الى بث فضائي يغطي الكرة الارضية ويفيض منه نزر للملائكة في السماء، اعمال درامية وبرامج منتقاة وتغطيات أخبارية وقف خلالها مراسلو تلفزيون العراقية على خطوط الصد بمواجهة الارهاب.. القاعدة في اوكارها و”داعش” في حرب شوارع، تقافز أثناءها منتسبو شبكة الاعلام العراقي، فوق الرصاص والمفخخات والذعر... مضحين بأنفسهم، شهداء وجرحى، يتابعون الاحداث العصيبة، حيثما ذر الارهاب قرنه، في بغداد والمحافظات 
والعالم.
من جهة أخرى.. وهذا ختام مقدمتي المستعارة من نزار عبد الستار.. لم يغفل تلفزيون العراقية من شبكة الاعلام العراقي، التفاؤل والابتهاج والفرح، منتهزا اي سانحة لمشاركة العراقيين نظرة ود نحو المستقبل، انطلاقا من حاضر عامر بالبشرى والامل 
والسرور.
سلم اجتماعي 
عد المخرج صلاح كرم تلفزيون “العراقية” من شبكة الاعلام العراقي، أنموذجا أمثل، في صناعة إعلام الدولة، باشتمالاتها التعريفية.. فالدولة هي الشعب والحكومة والارض” موضحا: “وتلفزيون العراقية الآن، يعيش مع الشعب، ممثلا لدولة العراق وليس لحكومة بعينها، متصديا لنشر السلم الاجتماعي وترصين دعائم المصالحة الوطنية وترسيخ مبادئ الايمان بالله والولاء للعراق وخدمة الشعب».
انطلق المخرج فارس مهدي، من البدايات: “في 2 ايار 1956 تأسس تلفزيون دولة العراق، الذي يعدّ أول بث تلفازي عربي، بدأ إرساله في صيف عام 1957” مشيرا الى ان: “قصته استرسلت من عام 1956 بمشاركة “باي” البريطانية في المعرض البريطاني التجاري، ومن بين معروضات جناحها منظومة بث تلفازي باللونين الأسود والأبيض مع استوديو تلفزيوني، مما شَدَّ انتباه الملك فيصل الثاني الذي افتتح المعرض وطلب شراء المعدات من الشركة ونصبها في موقع الإذاعة في البنكلة الذي صار مقر تلفزيون بغداد، الذي يعدّ أقدم محطة تلفاز في الشرق الأوسط والدول العربية». أوضح المخرج د. مهدي: “أختير عدنان أحمد راسم النعيمي، مديراً لأول قناة عراقية، و كان قد حصل على شهادة الدبلوم في السمعية والبصرية وشهادة ماجستير في التربية الفنية من جامعة انديانا الأميركية” مبينا: “ولأن تلفزيون العراق، تأسس على قواعد مهنية سليمة، فقد تمكن من تخطي عقبات كثيرة، مواصلا البث بسلاسة وانسيابية وتمكن مبين».
 
الشبكة الوريثة
أجمع لفيف من فنانين وإعلاميين وأدباء وأكاديميين على ان تلفزيون العراقية من شبكة الاعلام العراقي، خير خلف لأعظم سلف.
لفت قاسم النعمان، الى ان: “الرعيل التأسيسي الاول، ومن التحق بالرواد وزاملهم، تحت أضواء استديوهات تلفزيون جمهورية العراق، عاشوا سيرتهم المهنية باحترافية مخلصة للعمل، بعده مسؤولية أخلاقية ووطنية” مفيدا: “وهذا ما حرصنا على غرسه في الاجيال اللاحقة، التي تمثلته واشتغلت عليه بجدارة.. الآن.. في ظل رحاب شبكة الاعلام العراقي، وفضاءات تلفزيون العراقية».
نوهت الفنانة فاطمة الربيعي، بأن سعادة وبهجة متفائلة تغمرها، وهي ترى الأمكنة التي شهدت بداياتها في تلفزيون العراق، منذ مطلع الستينيات، ما زالت تفتح ذراعيها مرحبة بها.. تحتضنها: “كلما دخلت الشبكة، ورأيت الصبايا والشباب يشتغلون بروح ورشة عمل مثل رياحين في حديقة ورد، يمسكون الوقت من ناصيته كي ينجزوا اجمل الاعمال الدرامية والبرامج ويتابعوا الاخبار.. أشعر بالانتماء إليهم، كأنني تلك الفتاة القادمة من الكوت.. وجلة من بغداد الحاضرة التي تسحق من لا يمتلك مؤهلات إثبات الذات فيها، والحمد لله، ما زلت أرى تاريخنا ماثلا في أعين القائمين على شبكة الاعلام العراقي، ومنتسبيها بتخصصاتهم كافة، حيثما تنقلت بين اروقتها». 
ثمن الفنان نزار السامرائي، روح الحيوية التي يتمتع بها القائمون على شبكة الاعلام العراقي ومنتسبوها: “إنهم أبناء تاريخ عميق؛ حملوا الامانة وجسدوها في مسلسلات ومتابعات أخبارية، لم تخشَ إرهاب عصابات “داعش” فضلا عن برامج جميلة وسواها” مرجحا: “إنهم فتية جديرون بالامساك بالحاضر، وتبوئ المستقبل، وقد فعلوا.. بحمد الله».
شدد الفنان محمد هاشم، على ان: “تلفزيون العراقية من شبكة الاعلام العراقي، ميلاد مشرف نحتفل به؛ لأنه تمكن من مواجهة الارهاب وترسيخ مقومات السلم الاجتماعي، ناشرا المحبة بين مكونات الشعب العراقي من دون  أي تفرقة، حريصا على ان يلبي كل ما من شأنه احتواء فئات الشعب العراقي.. طائفيا وقوميا” ماضيا في سرد قصة منجزات شبكة الاعلام العراقي: “عشرات المسلسلات التي شدت الشارع.. بل لفتت اهتمام المشاهد إليها جاذبة إياه من الفضائيات العربية الكبرى، التي تنفق على مظاهر استديوهاتها عشرات الآلاف من الدولارات في الحلقة الواحدة، وليس أقل منها جاذبية البرامج المنوعة والسياسية التي تجيب على التساؤلات المستترة في الشارع العراقي، وتفند الاشاعات المغرضة وتعزز روح الولاء للوطن.. تسلية وفائدة، في حين نقف إجلالا لارواح شهداء شبكة الاعلام العراقي الذين اغتالتهم نيران الارهاب، وهم يواجهونها في سبيل العراق والمهنة، غير مبالين بالموت، ومنهم من استشهد ومنهم من جرح ولم يغيروا موقفهم او يتمكن الارهاب من خلق فجوة بينهم وما يؤمنون».
هنأ الاكاديمي د. سعد الراضي، من جامعة واسط، منتسبي شبكة الاعلام العراقي: “لما تقدمه من مستوى إعلامي، وأخص بالتحية القائمين على هيئة أمناء الشبكة ورئاستها وإدارة تلفزيون العراقية، بمناسبة عيد تأسيس قناة الشعب والوطن».