د. محمَّدحسين الرفاعي
(I)
تقوم فرضيَّة الشَّرِ وقوَّتِهِ على ممارستين وجوديَّتين اثنتين: I- ترتبطُ الممارسةُ الأولى بمعنى الخير، ومعاييره الوجودية. II- كما تتعالق الممارسة الثَّانية بمعنى الذَّات، ومعايير (أن- نكون) الوجوديَّة- والمجتمعيَّة. ولكن، ضمن أيِّ معانٍ يمكننا أن نتوقَّفَ عند مفهوم الشَّرِ، ومستوياتِ ممارسته، بوصفه فعلاً إنسانيَّاً ذاتيَّاً متوفِّراً على إمكان التحطيم؟ وكيف يُمارس المفهوم، ضمن الفكر، والتفكير، والبناء النظريّ- والإجرائي الذي من شأنه؟
(II)
تترتب على الممارسة الأولى، أي معنى الخير، ومعاييره الوجودية، في (الواقع- الواقعاني: الذي يشتمل على معنى الوعي داخله) الذي من شأن الإنسان، بعامَّةٍ، نتائجٌ، وسلاسل سَبَبِيَّة- عِلِّيَّة ترتبط بمفهوم (الإيمان- بـ-...). كما تترتب على الممارسة الثَّانية، أي معنى الذَّات، والمعايير الوجوديَّة- والمجتمعيَّة التي من شأن (أن- نكون)، في (الواقع- الواقعيّ: الموضوعيِّ الملموس)، نتائج وسلاسل سَبَبِيَّة- عِلِّيَّة ترتبط بمفهوم (الذاتيَّة- اِنطلاقاً- من الذَّات)- يرتبط هذا المفهوم بكل المصادر الوجودية- والمجتمعيَّة التي تتوفَّر لدى الذَّات في أن تأتي إلى مستوى علاقة (الذَّات- بـ- الذَّات).
(III)
لا تقوم علاقة (الذَّات- بـ- الذَّات) من دون معنى الوجود. فالتساؤل: ما هو الذي يُعد معنىً لوجود- وكينونة الذَّات، هو التَّساؤل الأكثر جذريَّة في هذي العلاقة. ولكن من جهة أن المعنى لا يُتوفَّرُ إلاَّ بوصفه ما يتحدَّدُ (في- كُلِّ- مَرَّةٍ) بواسطة (الحفاظ- على- المعنى)، ومن جهة أن (الحفاظ- على- المعنى) لا يقوم إلاَّ اِنطلاقاً من الذَّات، والذاتيَّة، فإنَّ ذلك يشتملُ على ثلاثةِ اِحتمالات، والاِنطلاق منها، على أقل تقدير: I- العلاقة بالمتعالي: فيها ضربان من الممارسة: I-I- من الأعلى إلى الأسفل، وI-II- من الأسفل إلى الأعلى. وهذي العلاقة لا ترتبط بالميتافيزيقا الدينية فحسبُ، بل بكل ما يتوفَّر على إمكان أن يكونَ متعالياً، فوق الماديّ، ضمن شروط إمكان الوعي- والتفكُّر- والممارسة، عند حقول إمكان الوجود المتوفرة للذات. II- العلاقة بالوجود الواقعيّ- الماديّ، فيها أيضاً ضربان من الممارسة: I-I- من الواقع إلى الفكرة، وI-II- من الفكرة إلى الواقع. III- العلاقة بالوجود في معنىً أُنطولوجيٍّ عميق، فيها كذلك ضربان من الممارسة: I-I- من الأعمق إلى الأكثر سطحية، وI-II- من الأكثر سطحية إلى الأعمق؛ أو من الأعم إلى الأخص، ومن الأخص إلى الأعم.
(IV)
هذي العلاقات، لا تقوم على نحو مثاليٍّ، في الإمكانات المتعدِّدَة التي من شأن الذَّات في وجودها، وممارسة وجودها، لأنَّ (حقلَ- ذاتيَّةِ- الذَّات) يُحدَّدُ اِنطلاقاً من ثلاث حيثيَّات وجوديَّة أصليَّة من شأنه، هي: الفناء، والنقص، والجهل؛ وكل واحدة من هذي الثلاثة لا يكون إلاّ (في- كُلِّ- مَرَّةٍ).
(V)
على ذلك، يقوم الديالكتيك (الجدل) داخل الذَّات كونها، دائماً قَبْلِيَّاً، في طور من الذِّهاب نحو (النموذج- المثال Ideal-Type) الذي من شأنها، أي من شأن المثالية التي تتحرك الذَّات نحوها في كل ضرب من ضروب الفعل، من جهة، وكونها، أي الذَّات، من جهةٍ أخرى، تتوفَّر على إمكان ممارسة الفناء، والنقص، والجهل.