عبدالزهرة زكي
في مقال لـ (USA TODAY) وضعته على موقعها الإلكتروني يوم الخميس الماضي حاولت هيئة التحرير، التي حمل المقال توقيعها، الإجابة على عنوان المقال المتسائل:” لنفترض أنَّ اللقاح (ضد كورونا) آمن وفعال، ثم ماذا؟”. المقال يبدأ من حيث يريد أنْ يكون متفائلاً، حيث يجري استهلاله بالعبارة التالية:” إذا كان هناك خبر واحد إيجابي بين جميع تطورات الفيروس التاجي الكئيب فهو العمل السريع الذي يتم إجراؤه على اللقاح”.
بمعنى أن هناك مشروع لقاح، وليس لقاحاً محسوماً، وهناك عمل حثيث من أجل حسم صلاحية
وجدوى اللقاح. وبينما يبدو العالم متعاوناً ومتآزراً من أجل الوصول إلى نتائج إيجابية للظفر بلقاح فعال، فإنَّ جميع المتعاونين والمتآزرين ينطوي كل منهم حتماً على رغبة حقيقيَّة ليكون هو المتوصل للقاح وهو المستفيد الأول من نتائج توصله صحياً وتجارياً وسياسياً، السياسة كالمنشار يأكل
في الحالين.
تتوقع الصحيفة أنَّ التعاون العلمي الدولي الفعال والراهن من الممكن أنْ يتحول في حال توصل جهة معينة للقاح إلى مشكلة بشعة تعيق الانتعاش وتتسبب بتوترات من شأنها الانتقال لمجالات أخرى غير مجال المرض نفسه ومحاولة التخلص
من خطره.محلياً تتساءل الصحيفة: لمن سيعطى اللقاح أولاً، لأي القطاعات الاجتماعية والمهنية؛ هل سيعطى للمتواجدين في خط المقاومة الأول، أو لذوي الياقات البيض ممن يؤدون أعمالهم ووظائفهم من المنزل عبر النت؟ دولياً تحتمل الصحيفة، على سبيل المثال، أنَّ أميركا ستستخدم اللقاح داخلياً قبل أنْ تفكر بتلبية حاجة دولة أخرى مثل بنغلاديش له.
لكنها تعود من منظور براغماتي فتشير إلى أنَّ “هناك بعض أسباب المصلحة الذاتية للتعاون (في توزيع اللقاح). قد يأتي اللقاح الأول، أو الأكثر فعالية، من بريطانيا أو الصين
أو الهند.
ونظراً إلى أنَّ الفيروس التاجي لا يعرف حدوداً فإنَّ استئصاله من المدن الكبرى في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبيَّة أمر ضروري حتى لا يتفاقم وربما يعود إلى هنا”.تبدو (USA TODAY) وكأنها تفكر بطريقة المثل الشعبي العراقي (حضر المهد قبل الولد)، فبينما العالم ينتظر الدخان الأبيض من أي مختبر، ويترقب هلال بشارة التوصل للقاح من دون أنْ يشغل باله بالتفكير المسبق بالتوزيع، فإنَّ الصحيفة تستجيب لاهتمامات متزايدة بذلك في بلد مثل أميركا، فعند حضور الدكتور ريك برايت، عالم المناعة الذي قال إنه طُرد بشكل غير عادل من وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، أمام لجنة بمجلس النواب الخميس، طُرح عليه مثل هذا السؤال، وكان جوابه: “لم نصل بعد إلى ستراتيجيات تدفق مجرى
التوزيع”.سيكون أسوأ نتائج التعامل بتوزيع اللقاح المحتمل هو التعاطي بذلك من وراء الزجاج السياسي، حينها نؤكد كبشر مرة أخرى فشلنا في استخلاص التجربة من عيشنا طيلة هذه الفترة في كهف كورونا.