إصلاح التعليم.. أو الجهل والعنف

الثانية والثالثة 2018/12/26
...

سالم مشكور
 
ندّد كثيرون بالدعوات الى اضراب طلبة المدارس احتجاجاً على الكوارث التي تحويها المقررات المدرسية (الكتب)، من أخطاء لغوية وعلمية وأخلاقية فادحة تساهم في تدمير هذا الجيل الذي سيشكل عماد المجتمع في المستقبل. استنكار التظاهرات جاء من أناس يحملون – في الغالب - عقلية السلطة وقدسيتها وعدم جواز الاعتراض عليها. تحدث البعض عن أن تلاميذ المدارس يجب ألّا يجري زجهم في هكذا ممارسات.
الصحيح هو العكس تماماً. هؤلاء من يجب أن يتدربوا على الاعتراض والمطالبة بالحقوق ورفض الخطأ، ولكن ضمن الإطار السلمي والقانوني. هؤلاء من يجب تدريبهم على السلوك المدني الذي يجعل الشعب مراقباً لعمل السلطة ومقوّماً لها. جيلنا، الذي عاش جلّ عمره في ظلّ الاستبداد وتكميم الافواه وتجريم الاعتراض على الحاكم، يصعب عليه التأقلم مع الحياة المدنية والحريات، ولهذا نرى ممارسات تتعدى هذا الحديث لتصل الى التخريب أحياناً. لنزرع في وعي جيل المستقبل بذور السلوك المدني البنّاء.
لا جدوى من اعتماد القاء التهم الجزافية ضد من قاموا بالحملة لتصحيح أخطاء الكتاب المدرسي، ووصمهم بالمشبوهين أو المرتبطين بهذا وذاك، فهؤلاء ثلّة من الناشطين من المعلومين وأولياء أمور تلاميذ حريصين على تعليم أولادهم على السلوك الصحيح والأخلاقي والمدني، يتحركون منذ سنوات وطرقوا أبواب الوزارة وباقي الجهات المعنية دون جواب. 
الجميع يتحدثون عن أن التعليم أساس البناء للبلاد، فكيف نحقق ذلك بمقررات مدرسية فيها الكثير من الأخطاء الفادحة التي تؤتي نتائج عكسية.
كيف نخرّج جيلا سليماً متعايشاً يؤمن بالآخر ونحن نلقنه في المدرسة بانّ "المغضوب عليهم" والضالّين" هم اليهود والمسيحيين؟ وكيف ننشئ جيلا متوازناً ونحن نلقّن الفتيات في المدارس "حجابي فريضة.. وإنّي الصحيحة وغيري المريضة"؟، هل هذه هي الدعوة الى سبيل الله "بالتي هي أحسن" كما أمرنا الله؟. كيف ننشئ جيلا لغته سليمة وكتابه المدرسي فيه المضاف اليه مرفوع بدل الجرّ؟.  أي لجنة علمية هذه التي تتولى إقرار هذه الكتب، وأي خبراء يضعونها ويراجعونها؟ كارثة التعليم عندنا لا تقتصر على الكتاب المدرسي وأخطائه الفادحة، بل على صعوبة بعض المواد التي لا تلائم عمر التلميذ ومرحلته الدراسية. أبسط دليل هو ذلك المعلم الذي عجز- على الهواء- عن حل مسألة رياضية موجودة في كتاب الثاني الابتدائي ناهيك عن عدم تدريب المعلمين على الكتب التي تتغير مضامينها كل عام لغايات لا يعلم بها الّا الله ومن يستفيدون من ذلك، وأوضاع المدارس المأساوي. نتحدث عن بناء البلاد وعماده التعليم بينما أمره متروك للمحاصصة والمطامع المادية لهذا الحزب أو تلك الجهة على حساب جيل سيتخرج جاهلا عنيفاً حدّيا لا يقبل الاخر، وإذا ما اعترض حريص وطالب بالتصحيح ننهض للتنديد به واتهامه بشتى التهم.