خط الشروع

الثانية والثالثة 2020/05/22
...

رئيس التحرير
الاتجاه  نحو  المستقبل  هو خطُ الشروع الحقيقي، الذي يمكنه أنْ يكفلَ مراجعة الماضي، والتعاطي الواقعي مع الحاضر، وسيرورة الدولة العراقية، ليست  بعيدة  عن هذا الاتجاه، لأنها ستكون الخيار الستراتيجي الذي يجب أن تراهن عليه حكومة السيد الكاظمي، بوصفها تملك رؤية  منهاج حول خط الشروع.
معالجة المشكلات الكبرى- الاقتصادية والسياسية والامنية- ليست مستحيلة، فرغم مايقال عنها، وعن مايرافقها من حديث الديون والعجز وتردّي اسعار النفط، فإن التفكير العملي، وتحمل مسؤولية الاصلاح الاداري والمالي، التخطيط العلمي للمعالجة الواقعية، ومواجهة الفساد بشجاعة، ستكون عناصر مهمة لتخفيف وطء الأزمة، وتهيئة الظروف المناسبة للبدء بالشروع للنجاح، ولمواجهة الإرث الثقيل، ولإيجاد عتبات لتأسيس اقتصاد غير نفطي، ولموازنة تتجاوز عقدة " التشغيلية" وبالاتجاه الذي يجلب الاستثمارات، مع مستوى مقبول من الواردات غير النفطية، وهي كثيرة في العراق، لكنها مهدورة، وخاضعة لسطوة الفساد والفاسدين.
خط الشروع يعني شمول جميع المؤسسات، ومرافق العمل، فضلا عمايعنيه من مراجعة شجاعة لكلِّ الملفات القديمة، ومنها مايخصّ ملف ضعف الاصلاح النقدي، وتضخم النفقات والمصروفات، وتحوّل الدولة الى "دولة رواتب" وليست مشاريع ستراتيجية، فضلا عن غلو الفساد وتأثيره في تشكيل ملامح المشهد السياسي والاقتصادي والثقافي العراق..
إنّ ظاهرة الفساد والرثاثة الاقتصادية والادارية أوجدت لها تاريخا في البيئة السياسية والاقتصادية، ومجالات بعيدة عن الرصد، أو محمّية ومُبعَدة عن القانون، وهذا مايجعل مواجهتها صعبة، لأنها تعني  الاصطدام بجهات وعناوين  قد تجد في حرب الفساد حربا ضدها..
إن محاسبة الفاسدين  تتطلب الجرأة في كشف ماهو عميق في الفساد، وعلاقة هذا الفساد بكل الخراب والعجز والفشل الذي تعاني منه الدولة العراقية، والذي يحتاج بالضرورة  الى ارادة وشجاعة، والى خطط استثنائية، وصولا الى التنسيق مع الجهات الدولية، لاسترداد اموال العراق المنهوبة، ومحاسبة الفاسدين الذي نهبوا المال العام وتهريبه الى الخارج.
ما  أعلنته حكومة السيد الكاظمي من وعود، وما طرحته من مشاريع وافكار في منهاجها الحكومي، توفر فرصا مناسبة لتجاوز عقد الماضي، وللتخطيط العملياتي لاطلاق ماهو مؤسساتي في " خط  الشروع" بوصفه مجالا يشمل إطلاق مبادرات ومشاريع وبرامج حقيقية، التي سيكون لها الأثر الكبير في الواقع العراقي، ولفتح أفقٍ جديد يمكن الثقة به، لادراك  اسباب  التعثر السياسي والاقتصادي، واسباب تضخم ظاهرة الفساد والمديونية العامة، وتعطّل برامج التنمية في جميع مجالاتها  الاستثمارية والثقافية والاقتصادية والصحية والخدماتية، فضلا عن اعطاء زخم  حقيقي لاعادة صياغة الخطاب السياسي المتوازن، على مستوى تأطير علاقات العراق الدولية، أو على مستوى مواجهة استحقاقات المرحلة، فضلا عن استمرار النجاح في تقويض ظاهرة الارهاب الداعشي، الذي لايختلف في صناعته عن رعب الفساد وجماعته، التي تقتل وتسرف وتنشر في الارض خرابا.