سعد الطائي
تشكل المبالغ المصروفة على استيراد السيارات بمختلف أنواعها سنوياً مبالغ طائلة، ما يرهق الدولة عن طريق استنزاف العملة الصعبة. وهي تتم بأعدادٍ هائلة تفوق الطاقة الاستيعابيَّة للسوق ومن مناشئ متعددة بعضها يتسم بالمتانة والنوعية الجيدة وبعضها ذو نوعيات متدنية.
والملاحظ أنَّ السوق المحليَّة تفتقد بمجملها للصناعة الوطنيَّة في هذا المجال ولا حتى الاستثمار الأجنبي، ما جعل السوق المحلية في مهب عملية الاستيراد بالكامل وأفقد الصناعة المحلية في هذا المجال أي وجود رغم وجود الأساسات الضروريَّة في حال تم التخطيط والبدء في توافرها والعمل على إنشائها والتوسع بها، الأمر الذي يوجب على الجهات المختصة في بلدنا إيلاء هذه القضية الأهمية التي تستحقها، لا سيما أنَّ قطاع صناعة السيارات هو أحد القطاعات الداعمة للاقتصاد في أي بلدٍ من بلدان العالم لمدى مساهمته في توليد فرص العمل وحجم الاستثمارات الموظفة فيه بوصفه يوفر احتياجات ملحة لأغلب فئات المجتمع، وهي توفير وسائل النقل التي لا غنى عنها في العصر الراهن.
ويمكن العمل على وضع خطة متكاملة للنهوض بصناعة السيارات في العراق وأنْ تشمل هذه الخطة الإمكانات المتوافرة وفرص الاستثمار ذات المردود المجدي اقتصادياً وكم المخرجات الاقتصادية التي يمكن الحصول عليها من المشروعات التي يمكن إنشاؤها.
ويمكن في المرحلة الأولى العمل على جذب الاستثمارات الأجنبيَّة في هذا المجال، عن طريق تشجيع الشركات العالمية ذات الماركات المعروفة على فتح فروع لها لتصنيع السيارات في بلدنا، كما أنه يمكن العمل على إقامة مشروعات لتجميع السيارات محلياً بالاتفاق مع هذه الشركات كخطوة أولى في خطة النهوض بهذا القطاع، الأمر الذي يمكن الكفاءات العاملة المحلية في هذا المجال من كسب الخبرة اللازمة والمتعمقة من أجل تطويرها مستقبلاً في هذه الاختصاصات الدقيقة. فيمكن توظيف الإمكانات الهندسيَّة والفنية المتميزة في بلدنا، سواء من أصحاب الشهادات العليا أو شهادات البكالوريوس والدبلوم، والذين يمكن صقل إمكاناتهم العلميَّة بطريقة عملية تسهم في الاعتماد عليهم مستقبلاً للنهوض ذاتياً وبصورة متكاملة بهذا القطاع. وهو ما يساعد في إيجاد فرص عمل لكثير من الأيدي العاملة وتقليل معدلات البطالة وإمكانية المساهمة في التخلص من هذه المشكلة بواسطة المشروعات الاقتصادية المتعددة ومنها مشروعات صناعة السيارات محلياً.
إنَّ العمل على النهوض بقطاع صناعة السيارات في العراق من الأمور المهمة للغاية، لما له من منافع اقتصادية كبيرة، كونه يقلل الى مستوى كبير من الإسراف في هدر المبالغ الكبيرة من العملة الصعبة التي تذهب لاستيراد أعداد هائلة من السيارات سنوياً، فضلاً عن أنَّ إنشاء مصانع صناعة السيارات في بلدنا يسهم في توطين هذه الصناعة المهمة ويسهم كذلك في إيجاد الكثير من فرص العمل سنوياً، الأمر الذي ينشط الاقتصاد الوطني بالمجمل، لما لذلك من انعكاسات إيجابية على الأنشطة الاقتصادية عامة ومن هنا تأتي ضرورة النهوض بهذا القطاع المهم والحيوي.