مسؤولياتنا

الثانية والثالثة 2020/05/31
...

رئيس التحرير
لا شك أنّ حديث المسؤولية يظل رهانا وطنيا كبيرا، في سياق عملنا الاعلامي، أو سياق تعاطينا مع الاحداث السياسية والاقتصادية والصحية والامنية، وهذا ما يجعل اهمية التفاعل بين الخطاب الاعلامي والخطاب يكتسب اهمية فاعلة، على مستوى مواجهة تداعيات الواقع الصحي، وعلى مستوى مواجهة أزمة الواقع الاقتصادي، وكذلك على مستوى دعم الجهد الحكومي لإكمال الكابينة الوزارية، وفي تعزيز المسار الديمقراطي والاصلاحي، والتفاعل مع المنهاج الذي طرحته الحكومة، لمقاربة الأزمات، وترسيم سياسات العمل المستقبلي.
لقد بات واضحا خطورة تعطيل الارادة السياسية، وممارسة وظيفة الفرجة إزاء الازمات، أو حتى ترك تغوّل ظاهرة الفساد في واقعنا المالي والاداري، وحتى السياسي من دون متابعة ومحاسبة، وهو ما يعني أن يكون الخطاب الاعلامي في صلب المواجهة، وباتجاه تفعيل الجهد الرقابي البرلماني والمدني، وتوسيع مديات الحوار والتفاعل والتشارك، من دون عقد، ومن دون مصدّات، وبما يرتقي وحاجتنا الوطنية، للمراجعة والمكاشفة، بعيدا عن حساسيات المحاصصة، والمغالظة  والشك، وفتح ملفات لا  علاقة إلّا بالمصالح والمغانم، والتي  ستكون باعثة على تشتيت الجهد، وتعويق فرص وضع الاولويات على طاولة العمل الحكومي..
إن احتفاءنا بايام العيد، وبأيام الحظر الوقائي، وما تزامن خلالها من جهود كبيرة، في سياق تصاعد الجهد الأمني لاجهزتنا الوطنية بقتل عدد من الرموز الارهابية، والقاء القبض على بعضٍ منها، وهو مداعاة للفخر وللنجاح، ولدعم مسار العملية السياسية- الأمنية في التعاطي مع ملفاتها الأخرى، والتي تحتاج بالضرورة الى دعم واسناد برلماني وشعبي، وبالاتجاه الذي يجعل الجميع أمام لحظة وطنية حقيقية، لها اهدافها الكبرى في بناء الدولة الوطنية الناجحة والقوية، وفي مواجهة تحديات الاعياء الاقتصادي، وتحدي أزمة وباء  كورونا الصحية، فضلا عن السعي لتأكيد  اهمية التعزيز السيادي لاستقلال الدولة ولمؤسساتها، عبر التعاطي المهني مع ملف السياسة الخارجية، والتعاطي الواقعي مع بناء المؤسسات الامنية وحصر السلاح بيد الدولة وجهاتها المختصة، فضلا عن ارساء قواعد الحوكمة في ادارة الملف المالي والاداري، ليس لمواجهة الفساد والفاسدين فقط، بل لتعزيز قيم العدالة الاجتماعية والسلم الأهلي داخل المجتمع، ومعالجة مشكلة الترهل الاجتماعي والوظيفي في بنيات الدولة المعقدة.
إذ صناعة المستقبل هي أفق مسؤولياتنا القادمة، وهي الرهان على المواصلة، وعلى اعادة الثقة بالدولة والحكومة، وبكلِّ الجهود التي ينبغي أن تكون خيارا واسع المدى، ومسارا  لا رجعة فيه، على مستوى الدفاع عن هوية المجتمع العراقي المتنوع والمتعدد الأطياف، أو على مستوى تأصيل خطاب الوطنية بوصفه خطابا ثقافيا وانسانيا، وخطابا يؤسَس على وفق متطلبات بناء الدولة الحديثة، دولة المؤسسات والقانون والعلم والحرية والارادة.