كورونا يستعيد تجربة في الحب والشعر

ثقافة 2020/05/31
...

عبدالزهرة زكي
 

مع شيوع وباء كورونا، وبعد العمل بـ (الإغلاق) أو الحجر في العالم بمواجهة المرض كان موقع إلكتروني بعنوان A love in verse قد انطلق، وفي ظروف هذا الحجر والانعزال المنزلي الراهنة وقفت بالمصادفة عند هذا الموقع.

في الحقيقة كنت خلال هذه الأيام مستغرقاً، بجانب من وقتي، بالبحث في كل ما من شأنه المساعدة في الوقوف على موضع الأدب والفن، عبر العالم، ومدى مشاركتهما في التعبير عن حياة الناس في ظرف استثنائي نادر 
ومؤثر.
لا يقدّم هذا الموقع انطولوجيا عن الشعر والحب، ولا يطمح لضمّ شعر الحب من مختلف الشعراء في ثناياه، وبعد ذلك فهو ليس موقعا لمختارات من هذا الشعر، ولا يريد أن يكون نافذة لنشر الشعر المعني بالحب مما يبعث به الشعراء، هناك العشرات من المواقع الإلكترونية التي تقوم بكل هذا لكن ليس من بينها هذا الموقع. 
هذا موقع وُجد فقط من أجل رجل حي وسيدة متوفاة، إنه موقع للمثل التي توفيت عام 2016. ابنتهما آنا جوردون، وهي كاتبة، بادرت فأنشأت الموقع الإلكتروني ليضم تجربة نادرة في الحب والشعر، تم العمل طويلا من أجل اختيار النصوص، وتسجيل بعضها بفيديوات لممثلين وممثلات من زملاء بيتر واليسون، لكن الموقع لم ينطلق إلا بعد الوباء وفي غمرة أيام الحجر والاغلاق.
إنها تجربة تبدو قادمة من رومانسيات عصور قديمة، لكن الحب هو الحب، دائماً هو حي وحاضر ودائماً يبتكر وسائله لنيل الخلود. في هذا الموقع قصائد وأبيات هي من نتاج عصرنا، وهي لرجل ليس بالشاعر (المحترف)، ذلك هو الممثل بيتر جوردون.
لقد بدأ الأمر هكذا؛ في عام 1971 التقى الممثل بيتر جوردون بالممثلة أليسون كينغ في عمل مسرحي ضمهما، ارتبطا عاطفياً وبعد عامين تزوجا. 
في واحد من الصباحات، قبل 25 عاماً استيقظ بيتر وقبل أن يغادر المنزل وجد نفسه يكتب شيئاً من الشعر على ورقة، ما أن فرغ من ذلك حتى دسها تحت وسادة زوجته، كان الأمر مزيجا من المزحة ورغبة التعبير عن الحب، وهكذا استمر الأمر كتقليد يومي. في كل نهار تجد السيدة أليسون تحت وسادتها قصيدة، يلتقيان فتقرأ له القصيدة وتعطيه الورقة ليعيد هو قراءة القصيدة بصوته لها ثم تحفظ القصيدة بصندوق خشبي وضعاه في ركن مناسب من أركان حديقة المنزل، فكانت النتيجة أن يمتلئ الصندوق بأكثر من 8500 قصيدة وبيت شعري في الحب الذي لم يطفئه حتى الموت.
توفيت أليسون عام 2016 لكن كتابة الشعر لم تمت معها، لم يمت الحب، فقد استمر التقليد اليومي بالنسبة للسيد جوردون، في كل يوم قصيدة لحبيبة توفيت.
كانت هذه تجربة نادرة في الحب والحياة. لم يعمد جوردون طيلة كتابته لقصائد الحب أن ينشر شيئا مما يكتب. الكتابة بالنسبة له وسيلة شخصية لحب شخصي نحو زوجته.
القصائد والأبيات التي خلفتها هذه التجربة هي تعبير عن عاطفة في سياق الحياة اليومية الجامعة لحبيبين. يقول جوردون بتصريح لبي بي سي:" "كنت عاطلاً عن العمل في بعض الأحيان، وقد أتمشى في غرفة تبديل الملابس، لذلك كان الأمر بالنسبة لي مناسباً، حيث شعرت برغبتي في التعبير عن حبي بعمق".
تقدم القصيدة التي اخترتها هنا من بين القصائد التي كتبت ما بعد وفاة أليسون تعبيراً شعرياً عن تواصل الحب في الحياة اليومية لجوردون حتى مع وفاة الزوجة.
في لحظة ما عادت بي هذه التجربة إلى ديوان الشاعر الراحل يوسف الصايغ (سيدة التفاحات الأربع)، وهو ديوان غيّر في أسلوب وتقنيات الشاعر في الكتابة الشعرية.
الموقع الإلكتروني الذي جرى الاشتغال طويلا من أجل إخراجه كان مسعى من بنتهما لتخليد ذكرى هذا الحب، ولحفظ تجربة في الشعر يجد جوردون نفسه بتصريح لغارديان أن الوقت الآن (مع ظروف الاغلاق والحجر والوباء) مناسب تماماً لإطلاق الموقع." "أريد أن أكرم الحب الذي كان بيننا، وأعتقد أن الأمر يستحق إعلام الناس به، أعتقد أنه شيء مناسب، خاصة في هذه الأوقات الصعبة".
 
القصيدة المضاعة
 
إنَّه لمن الرائع أن تنطلق مع مَن تحب عند الغسق.
السماء ما زالت مضيئة برغم تهادي السحب الأرجوانيَّة
ونحن نشعر بانتعاش لتألق روحينا 
هذا كلّ ما تبقى لنا من حزننا.
متكئةً على ذراعي، أو نمضي يداً بيد
ونحن نتحادث – كما يجب، إذ هي تغمر وقتي،
ونحن نبتكر أغاني أو نحاول (العثور على) قافية
ونضحك أحيانًا عندما لا تضبط الكلمات.
حسنًا، نصل إلى المكان ونشتري ما كنا قد أتينا من أجله
ثم نعود - وعندما أنسى أحياناً
أنّها معي فإنّي أشعر بالخجل والندم .
لكنها تقول: يا حبيبي، لم ترتكب ما ينبغي أن تلام عليه،
لا يمكن إنكار أنّه حتى أعز الناس،
قد يُنسى بين حين وآخر، 
لقد مرَّ عامٌ على وفاتي.