صباح محسن كاظم

يتفاعل الطبيب بمنتهى الصدق الإنساني والحسي  والروحي مع مريضه الذي يعالجه  إذا كان عمله بإنسانية بحته آملا الشفاء وتخفيف المعاناة بتطبيب الخاطر وتخفيف وقع المحنة وزرع الأمل وإبعاد اليأس عن المريض ..أشعر حين أقرأ رواية للطبيبة (طيبة حسن عبد الغني الحمادي) عمق المشاعر والإحساس وكمية الحب بالبناء السردي في روايتها البكر (قلب أسود)ب 146 صفحة / الصادرة عن دار نبضك /بغداد /2020..

نسق البناء السردي :حاولت الساردة الطبيبة "طيبة" الكشف عن المخاوف والأزمة السايكولوجية  للبطلة والصراع وذروته بين نياز والأم ,وغياب الأب المنفصل والجدة وسطوتها والحب بالجامعة والعلاقة بعمر والمرض بالسرطان وتراجيديا المعاناة التي تداهم تلك الشخصيات بالرواية التي تسلبهم الأحلام والطموح ..جاء نسق البناء بلا ترهل وإقتضاب بين الشخصيات إعتمدت "المؤلفة " على الإنتقالات بين الأزمنة والأمكنة بإنسيابية السرد ,والتحكم بذروة الأحداث كأنها تروي سير ذاتية لشخصيات الرواية بإنتقالات المواقف  من المدخل : أستمع إلى الموسيقى وأنت تغوص بين حروف روايتي .أي موسيقى بحزن شفيف وفرح مضمر وأمل وألم  بنسق البناء السردي الذي تميز بعدم التشتت بل الأحداث حول بؤرة مركزية العلاقة الأسرية ,الحب ,المرض المرعب في المقدمة : (يلجأ الكثير من المحبين لسجن مشاعر هم في سجن الخفاء..ربما خوفً من المجتمع, أو خوفً من مواجهة الطرف الآخر! الحب فطرة , لكن في الغالب..لعنة). تفكيك وتقويض الثنائيات بمنهجية السرد برواية (قلب أسود) مضامين المحمولات بالحوارات لها دلالاتها التي تنزاح نحو ثنائية الخير والشر والحب والذكورة والأنوثة  وعدم اللقاء والمرض والبحث عن الشفاء حاولت د-طيبة فك الإشتباك بالهم والصراع والسرد بضمير المتكلم, وبعضه بالسرد الإستعادي للذاكرة ,ثم تنظيم الأحداث بإحساس رفيع عن مجريات ومآل الأحداث ..ص13( نياز معناه الاحتياج, هو أسمي الذي أطلقته عليّ جدتي كنت في بطن أمي- في شهرها الخامس- حينما تعرضت أمي لوعكة صحية كادت أن تفقدني ,بعد أن هجرها أبي رغم حاجتها له ,واعدا إيها بالعودة...!).أما على الصعيد الإسلوبي حاولت د-طيبة : الميل للشعرية الغنائية بالتعبير الجمالي بالمواقف الرومانسية والحب عند بطلة الرواية نياز .والأصوات الأخرى بالرواية منظورة كموقف محمود وشهرزاد و عمر ونياز ص24: (أتممت سنة كاملة من السعادة بجوار شهرزاد,سنة أشرقت فيها شمس الحب والفرح لدرجةإنني نسيت قسوتي).. في الموسوعة النقدية الذرائعية الجزء الثالث للناقد – عبد الرزاق عودة الغالبي –دعبير خالد ص 152: ((يعرف (المثير) النفسي على أنه الحادث الذي يستطيع الملاحظ الخارجي تعيينه مفترضا بأن له تأثيرا من سلوك الفرد موضوع الملاحظة,وبما أن الحوادث التي يمكن تعينها عديدة جدا ,فالحادث المثير هو الذي يحرك الإستجابة) ص43 :(الحب الأول/ هو ليس مجرد شعور/ هو ليس ليس مجرد نبض/ هو ليس إعجاب ولا مشاعرالحب الأول ,هو عمر). حتى بلحظات الفراق الأبدي كسرت تلك الثنائيات بين اللقاء والفراق بين الحب والوداع والضياع بسبب مرض السرطان الذي حال دون العناق الروحي ..ص141 (حققت غادة مطلبي وأوصلت الرسالة لعمر..تغيب عمر عن حفل زفافه ذلك اليوم وزار قبري ليقرأ الرسالة على مقربة مني ,...).  د-طيبة حسن عبد الغني الحمادي تجربة روائية تحث الخطى نحو الشمس  بعد نفاذ الطبعة الأولى طبعت الرواية طبعة جديدة.