امرأة معنفة

اسرة ومجتمع 2018/12/28
...

 عدوية الهلالي 
 
وقفت أمام المرآة لتحصي الكدمات التي توزعت بعدالة بين جميع أجزاء جسدها ..أرهقها شعورها بالانكسار والخيبة..عليها ان تزدرد همها وترتشف دموعها وتصمت ..تداعت الى ذهنها تلك التوصيات والتحذيرات التي سربلها بها اهلها قبل خروجها من
 منزلهم ..
قال لها والدها محذرا :” بيت زوجك هو قبرك ..لن يرحب بك هذا المنزل الا ضيفة ..لاتفكري يوما بالعودة اليه مهما حدث بينك وبين زوجك” ..
وقالت لها جدتها :” يمه الرجل اذا تعثر بحذائه يمكن يرجع على زوجته ويضربها .....!!”....وقال لها شقيقها :” اياك ان تفكري يوما بالطلاق .. “..
تشابكت في ذهنها تلك العبارات وسواها لتفاقم من حيرتها وخيبتها واحساسها بالذل والانكسار ..لمن تشكي همها ؟..كيف ستقنع أهلها ان زوجها يضربها كلما أثار شيء ما عصبيته حتى لو لم تكن طرفا فيه ..الأمر يشبه كثيرا ماقالته لها جدتها من ان الرجل قد يضرب 
زوجته اذا ماتعثر بحذائه ..
ولكن ، كيف يمكنها الاقتناع بنظرية جدتها وهي الفتاة المتعلمة التي ايقنت منذ صغرها انها لاتختلف عن اشقائها الذكور بل كانت تتفوق عليهم 
أحيانا.. متى يمكنها الاذعان لسلطة الرجل والاقتناع بأنه يتفوق عليها في كل شيء وانها لابد وان تكون طوع امره حتى عندما يمارس عليها سلطته باجحاف ..انها تشعر بالندم الآن لأنها غمرت راسها الصغير بين صفحات الكتب وقرأت الكثير عن كيان المراة وشخصيتها وحقوقها ومساواتها
 بالرجل .
.كان الأجدر بها ان تسير على نهج والدتها وجدتها وان ترضى بضرب الرجل لها على انه مسلمة من مسلمات النجاح كزوجة مطيعة وتنتظر لحظة رضاه عنها وكأنه 
تكريم لها ..
انها تسمع الكثير من الحديث عن مناهضة العنف ضد المرأة وترى كيف تتسابق المنظمات النسوية للمطالبة بحقوق المرأة وتدرك جيدا ان القانون سينصفها ان طالبت بحمايتها من العنف لكنها عاجزة عن كسر حاجز الخوف من
 العواقب .
القانون ربما ينصف المراة لكن المجتمع ينتقدها اذا ماوطأت قدمها مركز الشرطة ..ربما يمكنها المطالبة بالطلاق أو معاقبة الزوج على جريمة التعنيف ولكن كيف يمكنها تغيير ركام افكار اهلها 
ومجتمعها.
 انها تتمنى لو خرجت الى المجتمع لتقول لمن ينادي بحقوق المرأة ان دعمها قانونيا لايكفي ما لم تتقبل العقول الذكورية فكرة كون المراة كائنا له حقوق ومشاعر وان تتم تربية الذكور على ذلك منذ الصغر كما ينبغي ان تمنح الفتاة الثقة والامان للتسلح بالشجاعة مستقبلا، اذا ما اقتضى الامر منها مواجهة الزوج القاسي ومغادرة قبر الزوجية.