مهرب من الأزمة.. كورونا يضاعف من أوقات القراءة

ثقافة 2020/06/08
...

 

أليسون فلود

ترجمة: ليندا أدور

كشفت دراسة استقصائية حديثة أجريت مؤخرا في المملكة المتحدة، وشملت نحو ألف شخص، أن الوقت الذي يقضيه الناس بقراءة الكتب قد تضاعف  منذ بدء عمليات الإغلاق التام بسبب تفشي فيروس كورونا، وأن هناك تحولا برغبة القراء في "الارتياح"  بقراءة كتب الجريمة والإثارة بدلا من أدب الديستوبيا*.

تشير الدراسة التي أجرتها شركة نيلسن للأبحاث، الى أن 41 بالمئة من الأشخاص الذين استطلعت آراءهم ذكروا أن قراءتهم للكتب ازدادت منذ بدء فرض إجراءات الغلق في آذار الماضي.  وفقا للـ1000 شخص من البالغين الذين يمثلون العينة النموذجية للبحث الذي جرى للفترة من 29 نيسان الماضي ولغاية 1 آيار الحالي، فقد ازداد الوقت الذي تقضيه العينة بقراءة الكتب من ثلاث ساعات ونصف الى ست ساعات في الأسبوع، وان 10 بالمئة فقط من العينة ذكروا أن ساعات قراءتهم كانت أقل.

الأدب الانهزامي

كما أفصح القراء، خلال البحث، عن التغير الذي حصل في ذائقتهم للكتب منذ تفشي جائحة كوفيد-19، اذ أصبح الاهتمام منصبا على الروايات البوليسية والإثارة وغيرها من أنواع الأدب الشعبي، مع شهية قليلة لقراءة كتب عالم الواقع المرير. ذكر 52 بالمئة، اي أكثر من نصف المستطلعين، أنهم صاروا يمضون وقتا أكثر في القراءة، بسبب وجود وقت فراغ أكثر لديهم، في حين ذكر نحو 51 بالمئة ان السبب هو رغبتهم بالاستمتاع أكثر، بينما شعر 35 بالمئة منهم بأن الكتب منحتهم "مهربا من الأزمة ".

لم يكن الأمر بالنسبة  للكاتبة البريطانية لويز دوتي، التي أدرجت ضمن القائمة الطويلة لجائزة ثيكستون أولد بيكلير للرواية البوليسية لهذا العام، عن رواية التشويق خاصتها "رصيف سبعة"، مفاجأة، في ما يخص تصاعد الاهتمام بالرواية البوليسية بقولها: "من الخطأ الاعتقاد بأن الناس سيلجؤون الى الأدب الانهزامي الخفيف أو لقصص تثلج الصدر خلال الأوقات الصعبة"، مضيفة "يرغب الناس في أن يكونوا مستَغرَقين، ما يعني أنهم سيذهبون باتجاه أي كتاب سيمنحهم هذا الشعور من خلال وجود قصة تستحوذ على اهتمامهم"، مشيرة الى أن "فئات روايات الجريمة والإثارة، هي الأشمل في ذلك، من خلال قصص يكتنف الغموض ما يقوم به شخوصها، ومن المفارقة، ان تكون روايات الغموض هي الأكثر ترفيها غالبا"  .

عودة مريحة

في العام 2005، عندما كتب الاسكتلندي بيتر ماي، روايته "الإغلاق التام"، ظن الناشرون حينها أن السيناريو الذي يتخيل فيه لندن وقد أُغلقت بسبب انفلونزا الطيور، كان غير واقعي وبعيد الاحتمال، لكن ماي، الذي تبرع بسبقه هذا الى العاملين في خط المواجهة الأول في محاربة فيروس كورونا، قد لمس تصاعدا كبيرا في مبيعات الرواية منذ صدورها الشهر الماضي.

يقول ماي: "أعتقد بأن رواية الجريمة تمثل عودة مريحة للقيم التي نشعر، في بعض الأحيان، بأننا فقدناها، حيث قوى الخير تتفوق على قوى الشر"، مضيفا: "وهذا أمر ذو صلة خصوصا في وقت يبدو فيه عالمنا وكل ما هو مألوف من حولنا، وقد انقلب رأسا على عقب". على ما يبدو فإن القراء قد وجدوا الراحة في روايته التي تتحدث عن عالم شبيه بعالمنا بشكل غريب، اذ يقول ماي: "عندما كُتبت الرواية في المرة الأولى، كان الاعتقاد بان القراء لن يكونوا قادرين على التكيف مع عالم فيه مجتمع قد استعد لمواجهة ظروف صعبة وضد جائحة قاتلة"، مضيفا "لكنها، للأسف، باتت اليوم، السيناريو المألوف، والأغرب من ذلك، أن الناس بدأت تشعر بالراحة بهذه التجربة المألوفة والمشتركة التي يمكنهم التكيف معها، والتي هي عكس التجربة "القديمة" المعتادة حين كان الناس يصافحون ويعانقون ويقبلون بعضهم البعض، والتي باتت تشعرهم، الآن، بعدم الارتياح".

بالرغم من تزايد وقت القراءة، وقفت الدراسة على حقيقة التغير الحاصل في شراء الكتب، ففي الوقت الذي ذكر فيه نحو 25 بالمئة ان شراءهم للكتب قد ازداد، بما نسبته 18 بالمئة، قالوا انهم اشتروا كتبا أقل، بسبب عدم قدرتهم على الذهاب الى محال بيع الكتب، وهو السبب وراء هذا التراجع.

يشير متجر ووترستونز (لبيع الكتب بالتجزئة في المملكة المتحدة)*، ان مبيعاته عكست تماما ما ذهبت اليه دراسة نيلسن، فقد كانت روايات الجريمة والاثارة هي الأكثر مبيعا ومنها رواية "كويني" لكانديس كارتي-وليامز، و"عندما يغني لوبستر المستنقعات الأحمر" لداليا أوينز، و"البيت الهولندي" لآن باتشيت، و"فتاة، امرأة آخر" لبرناردين ايفاريست.

*صحيفة الغارديان البريطانية

*(أدب المدينة الفاسدة، وهو مجتمع غير فاضل تسوده الفوضىٰ، فهو عالم وهمي ليس للخير فيه مكان، يحكمه الشر المطلق، ومن أبرز ملامحه الخراب، والقتل والقمع والفقر والمرض، باختصار هو عالم يتجرد فيه الإنسان من إنسانيته ويتحوّل فيه المجتمع إلىٰ مجموعة من المسوخ تناحر بعضها بعضاً-ويكيبيديا)