{خليك في البيت}

استراحة 2020/06/09
...

شمخي جبر 
قيلت هذه العبارة بجميع لغات العالم.. قيلت بوسائل الإعلام وتكررت كثيراً، كذلك قالتها منظمة الصحة العالميَّة وكل المؤسسات الصحيَّة في جميع دول العالم.
إنه (كوفيد – 19) الذي غزا الكون فأصابه بمقتل.. البعض يقول إنه العام 2020 عام كورنا، إنه عام الفيروس والكساد الاقتصادي والأزمة التي ضربت الدول المنتجة للنفط، لا سيما التي تعتمد عليه كسلعة واحدة جاهزة للتصدير، أو كما يقول أهل الاقتصاد (الدول الريعيَّة).
فاجأ فيروس كورونا العالم، فأوقف الحياة كل الحياة، ضرب الاقتصاد فأوقف عجلته في جميع مرافقها فأصابت العالم أزمة اقتصاديَّة هائلة ومفاجئة، وهاجم الاجتماع فغير مفاهيمه وقيمه. فبدل التماسك والتواصل الاجتماعي أصبح المطلوب هو التباعد الاجتماعي. كما أصاب السياسة، إذ تصاعدت الأزمة بين الولايات المتحدة والصين وتبادل الاتهامات، إذ تتهم الولايات المتحدة الصين بأنَّ الفيروس تم إنتاجه في المختبرات الصينيَّة، ووصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب «كوفيد - 19» بأنّه «فيروس صيني». بينما تتهم الصين 
أميركا بهذا.
كما حدثت أزمة بين منظمة الصحة العالمية والولايات المتحدة، إذ اتهمت الأخيرة المنظمة بأنَّ موقفها كان محابياً للصين فقطعت معوناتها عن المنظمة. رافقت ظهور فيروس كورونا نظرية المؤامرة، يقول الخبير في الشؤون الدولية ايفان كريستيف: (إنَّ فيروس كورونا يمثل كارثة عالمية سببها لا يزال مجهولاً، يجعل منه أرضاً خصبة لنظريات المؤامرة على المستوى العالمي، وما يساعد على ذلك هو أولاً انعدام الثقة بصدقية الأنظمة الحاكمة، وثانياً أنَّ هذه النظريات تساعد ملايين الناس على قبول هذه التفسيرات للأحداث والأزمات، التي يعجز عن تقديمها لهم الخبراء الذين تنازعهم الانقسامات والخلافات، ما يؤدي إلى مزيدٍ من التوتر النفسي والعصبي لدى فئات واسعة داخل المجتمعات المتعددة».  وكان للفديو الذي صنعته الناشطة المناهضة للقاحات جودي ميكوفيتش والذي حمل عنوان (الوباء المخطط ) أثرٌ كبيرٌ في إشاعة نظريَّة المؤامرة وقد استغل هذا الفديو من قبل الجماعات المعادية لاستخدام اللقاحات والداعين لرفع التدابير الاحترازيَّة لمواجهة تفشي الفيروس. كما أشاعت جماعات اليمين المتطرف في إيطاليا أنَّ المهاجرين من الملونيين هم من اخترع هذا الوباء بدليل أنَّ أغلب المصابين من البيض. على إثر تفشي الفيروس حدث تقاطعٌ وقطيعة بين الدول فتوقفت حركة الطيران فكانت خسائر شركاتها بالمليارات، تقطعت أوصال حتى الدولة الواحدة، إذ فصلت المدن عن بعضها لمنع انتقال الوباء.
أقسى ما فرضته جائحة كورونا (التباعد الاجتماعي) الذي يقصد التباعد الجسدي والحفاظ على مسافة أو مساحة بين الأشخاص للمساعدة على منع انتشار المرض. كان للمرض أثرٌ كبيرٌ في عزلة الإنسان ووحدته في ظل التباعد الاجتماعي الذي كانت له آثاره النفسيَّة. يرى خبراء نفسيون أنَّ التباعد الاجتماعي عندما يطول أمده قد تكون له آثار نفسية كالغضب والاكتئاب والقلق والحزن.
وقد يكون أكثر من سيتأثرون بهذه الأزمة هم من يعانون من انعدام الأمن المالي وبخاصة أولئك الذين فقدوا وظائفهم وفرص عملهم ومصادر عيشهم وعيش أسرهم، إذ سيتحملون ضغطاً إضافياً يصعب حله.
في الختام يمكن أنْ نقول إنَّ الحظر الوقائي قد يسلبنا حريتنا ويحدد خياراتنا ويحرمنا من متعنا التي تعودنا عليها، لكنه يحمي أرواحنا وأرواح غيرنا من الناس. لهذا علينا التعاون مع الجهات التي تنفذ الحظر وتمنع كسره ممن لا يشعرون بالمسؤوليَّة ولا يقدرون المخاطر حق قدرها. كما علينا الالتزام بالإرشادات الصحيَّة حفاظاً على أرواحنا وأرواح الآخرين واحتراماً للقانون والقائمين على تنفيذه من الجهات الصحيَّة والأمنيَّة.