نظرة موضوعیَّة الى الأمن الغذائي العراقي

اقتصادية 2020/06/10
...

صلاح الشامي
إنَّ مفهوم الأمن الغذائي واسع المعنى متعدد المفاهیم، لكنه ببساطة یعني الاكتفاء الذاتي من الحاجات الاساسیة لمتطلبات العیش الغذائیة، التي تحافظ على دیمومة الحیاة واستمرارها، وكحد أقصى عدم الموت جوعاً .
الأمن الغذائي يتطلب جملة من التوجهات المهمة التي يجب تبنيها للبقاء ضمن دائرة تأمين الغذاء للبلاد، وهنا لابد من الاهتمام والرعایة المكثفة من جميع النواحي لزراعة النخیل، 
لأن التمور تعتبر غذاء متكاملا، وهنا لابد من الاشارة الى مثال واقعي حصل في الثلاثینيات من القرن الماضي، عندما ارسل العراق شحنة من التمور إلى احدى الدول الاقليمية، حين مروا بظروف قادت الى حصول شبه مجاعة حقیقیة كادت تؤدي الى هلاكهم لولا التمر العراقي كما هو معروف لدى الجمیع.
ولكي نبلغ مستويات الامن الغذائي، يتطلب الامر تفعيل قطاعاتنا الخدمية والانتاجية، وهنا لابد من العمل على منع الاستیراد غیر الضروري للمنتجات الزراعية الأجنبية، أو فرض رسوم جمركیة مناسبة علیها، وتشجيع الاستثمار في الزراعة المحلیة من قبل الشركات والأفراد، ووضع الضوابط الحكومیة المناسبة وصولا الى منع استیراد المزروعات بشكل تدریجي ، بل وحتى امكانیة تصدیرها الى الخارج.
كما هناك حتمية لوجود ممثل أو أكثر عن القطاع الزراعي مع فریق العمل المكلف بملف الأمن الغذائي، لكي یتم تشخیص المعوقات الحقیقية ووضع الحلول اللازمة لها، والاهتمام بالموارد المائیة، وتنظیم المراشنة بشكل علمي وتقلیل الهدر الحاصل حالیا، ومن الجمیل الاشارة الى ما جرى قبل سنتین من نقص في میاه الأنهار وفروعها، مع تخوف من وجود سد الیسو في تركیا وتأثیره السلبي المتوقع، ولكن الله لطف بنا كما هو العهد بأمطار هائلة ومستمرة غیر متوقعة أدت إلى وجود خزین مائي مریح یكفینا لعدة سنوات .
 نظرا لقیام قوى مجهولة بتخریب الاقتصاد الزراعي في العراق؛ كتسمم الأسماك، وحرق محاصیل الحنطة، ومرض دواجن البیض والأبقار، وامور اخرى، هنا يجب ان تكون لنا وقفة جادة، وأن يعالج الأمر بشكل جدي من قبل الجهات الأمنیة المسؤولة وعدم التهاون بها، وعلى سبیل المثال، تكلیف جهاز مكافحة الإرهاب وجهاز المخابرات بهذه المسألة، والتشدد في مراقبة المنافذ الحدودیة وعدم إدخال المواد الممنوعة قانونا، لاسيما البیض والدواجن وغیرها.
 التوافق مع الية عمل المصرف الزراعي لا اجدها ايجابية حالیا، لفشل التجربة السابقة للمبادرة الزراعیة، إلا وفق ضوابط جدیدة ملائمة تحقق الهدف المنشود في الحفاظ على المال العام بما ینفع المزارع الفعلي.
كما يتطلب واقع الحال ترشید الاستهلاك الغذائي نوعیا لدى المجتمع، بمساعدة وسائل الاعلام ورجال الدین الافاضل ووجوه المجتمع المدني، بعدم التبذیر، والاهتمام بتوفیر الحد الادنى من الغذاء للطبقة الفقیرة من الشعب، وذلك بدعم البطاقة التموینیة لكي تكون متكاملة وتسد الحاجة الفعلیة للأسرة، وتوفیر فرص عمل واسعة لمختلف شرائح المجتمع، ولا سيما المعدمین منهم، وإلاّ ما نفع توفر الغذاء من دون وجود الأموال القادرة على الشراء. 
وكوني متخصصاً بالشأن الاقتصادي ادرك أنه من المستبعد حصول ازمة غذائیة فی العراق لوجود مقومات توفير الغذاء التي تعد هبة ربانية لبلاد ما بین النهرین، التي سميت أرض السواد لسواده بالزروع والنخیل والأشجار. 
رئیس هیئة المستشارین في غرفة تجارة بغداد