يعد القطاع المصرفي من القطاعات الاقتصادية الأساسية في جميع دول العالم لكونه يسهم في نمو الاقتصادات وتطويرها عن طريق تمويل المشاريع بمختلف تخصصاتها، إلّا أن في العراق يعاني الجهاز المصرفي من مشاكل كثيرة بعضها تنظيمية وإدارية وأخرى فنية أدت الى جعل أغلب المصارف الخاصة ليس لها أي فعالية مالية في السوق التجاري. ودعا عدد من المختصّين بالشأن المصرفي والمالي الى ضرورة دعم الجهاز المصرفي العراقي لمساهمته في تعزيز التنمية الاقتصادية عن طريق تمويل المشاريع الانتاجية في البلد.
ويقول عضو مجلس الإدارة في البنك المركزي الخبير الاقتصادي ماجد الصوري في تصريح لـ "الصباح": إن "البنك المركزي كان له دور كبير خلال السنوات الأخيرة في تطوير عمل الجهاز المصرفي، إذ بدأ يطبق جميع المعايير الدولية التي يمكن تنفيذها على الجهاز المصرفي بالعراق خصوصا في ما يتعلق بالمخاطر والائتمان والحوكمة وغيرها".
وأضاف، أن "البيئة الاقتصادية العراقية لا تسمح بنمو معتدل وشامل للنظام المصرفي العراقي، لافتا الى أن هناك أمورا عدة وضعها البنك المركزي بما فيها التمكين وتوطين الرواتب وغيرها، إلّا أن المشكلة الأساسية ليست بالمصارف، وإنما في السياسة المالية للحكومة والفساد المالي الموجود بالدولة".
وأوضح، أن المصارف هي إنعكاس للوضع الاقتصادي الموجود بالعراق، وبما أن الوضع الاقتصادي الموجود هو التوجه نحو التجارة وليس باتجاه التنمية الاقتصادية والانتاج المحلي؛ لذا نرى أغلب المصارف توجهاتها نحو التجارة والتعامل مع التجار والاستيراد بشكل خاص وليس التصدير.
وتابع: أن العوائق التي تواجه عمل المصارف الأهليّة في ما يتعلق بالتجارة الخارجية من حيث فتح الاعتمادات وتعامل المؤسسات الحكومية معها، لذلك نرى احتكار العمل المصرفي بشكل العام للبنوك الحكومية التي هي من تحتكر العمل المصرفي بشكل عام وخصوصا الجانب المتعلق بالودائع الحكومية والمعاملات الحكومية الأخرى.
وأشار الى أن الثقة في المصارف التجارية الأهلية بما فيها الاسلامية ليست قوية، بسبب بعض الممارسات التي عملت بها بعض المصارف نتيجة السيطرة عليها من قبل بعض السياسيين الذين اصبحوا طارئين على العمل المصرفي، لذلك فإن العمل المصرفي تدخّلت فيه السياسة الى درجة كبيرة جدا.
وزاد بالقول: فضلا عن أن الثقة الدولية في العمل المصرفي العراقي ضعيفة جدا رغم وجود بعض المراسلين العالميين لدى بعض المصارف الموجودة بالعراق، مبينا أن السبب الأساسي في ذلك هو تناول موضوع البنك المركزي والمصارف ودمجها بالمواضيع السياسية.
ولفت الى أن المهاترات السياسية المتعلقة بعمل البنك المركزي والمصارف أدت الى عدم ثقة الجمهور العراقي والمصارف العالمية بالجهاز المصرفي العراقي، مبينا أن قانوني البنك المركزي والمصارف حتى الآن جيدة ولكن فيهما بعض النواقص غير المكتملة.
وأشار الى أن هناك تجاوزات على القانونين النافذين سواء على قانون البنك المركزي او المصارف، مؤكدا ان النظام الشامل الى الان لم يطبق بين البنك المركزي والمصارف وكل مصرف موجود لديه نظام الكتروني لكن هذا النظام لم يربط بالنظام المصرفي إلّا بعض القنوات وليس من حيث الرقابة.
وأكد الصوري أن الرقابة الى الان من الناحية الالكترونية ضعيفة ولذلك على البنك المركزي أن يبذل جهودا كبيرة جدا في موضوع ربط المصارف بالنظام الالكتروني الموجود في جميع النواحي وخصوصا من حيث التقارير المتعلقة بالميزانية، مبينا أن البنك المركزي حاول وبمساعدة البنك الدولي أن يجد نظاما مناسبا لهذا الموضوع وتمّ تطبيقه، إلّا أنه لم يكن فعّالا الى درجة
كبيرة.
من جهته، أكد الخبير في الشؤون المصرفية عبد العزيز حسون، ان الجهاز المصرفي العراقي يحتاج الى إعادة تنظيم لأن عدد المصارف في العراق وصل الى رقم غير معقول، مبينا أن هذه الأعداد الكبيرة من المصارف لا يوجد لها منافذ كافية للتسويق المصرفية.
وقال حسون في تصريح لـ "الصباح": إن أغلب المصارف صغيرة ورؤوس أموالها قليلة وليس لها وجود في السوق ولا تستطيع أن تقوم بأي فعالية معقولة وتسهم بالعمل المالي والتمويلي، داعيا الى إعادة النظر بالعدد الكبير من
المصارف.
وأشار الى أن سلطة البنك المركزي على عمل المصارف في ظل الظروف الراهنة محدودة جدا، إذ نرى سلطة المركزي محجمة، لأنه لا يستطيع تجاوز أمور كثيرة تحكم العملية المالية والمصرفية والاقتصادية.
وأوضح، أن التشريعات القانونية الموجودة حاليا غير مطبقة بشكل فعلي، لذلك القطاع المصرفي لا يحتاج الى تشريعات وإنما الى إجراءات تنظيمية تصدر من قبل البنك المركزي بوصفه السلطة المعنية بالموضوع ومسؤوليته تنظيم عمل الجهاز المصرفي.