عبدالزهرة زكي
لا يعبث كورونا بيومياتنا الراهنة حصراً، لا يؤلمنا بفقداننا أحبة فحسب، ولا يعكر بعد ذلك ردود أفعالنا وسلوكنا النفسي حالياً فقط، الأخطر في هذا هو التأثير المستقبلي للوباء على الحياة بشكل عام.
الأطفال سيكونون الأشد تضرراً في المستقبل، ما بعد كورونا، من بين الذين سينجون من المرض.
أضرار الطفل المستقبلية يتساوى فيها من أصيب من الأطفال ونجا، ومن لم يصب. ,الكل سواء في خسائر
المستقبل.
حياة الطفل، كطفل، تتقاسمها (التربية) و(التعليم) و(اللعب)، وهذه جوانب أساسية في تشكّل شخصية الطفل، وفي مستوى ذكائه وإعداده النفسي والعاطفي.
هذه الجوانب كلها باتت تتضرر، وتتضرر معها حياة الطفل حالياً، والأسوأ أنه يمكن أن يحمل معه هذه الأضرار، أو جانباً منها في الأقل، نحو مستقبله.
وقت المدرسة بالنسبة للطفل هو وقت للتمرن على الحياة ضمن مجتمع من الآخرين، ممن يعرفهم الطفل أو لا يعرفهم.. وهو، تبعا لذلك، وقت لتشكل الصداقات بحرية وباختيار واعٍ أو غير واع،ٍ وهي غير الصداقات مع أطفال الأقرباء والجيران، تحت ظروف كورونا يخسر الطفل محيطه المجتمعي المدرسي وصداقاته، ويتقيد بقسر منزلي غير مألوف.
حياة بعض العائلات، وربما إراداتها، قد لا تسمح للطفل أو لا تتيح له تشكيل صداقات قبل بلوغه زمن حريته في المدرسة ما بين أقرانه.
يتضرر الطفل كثيراً بانقطاعه المفاجئ، وربما غير المفهوم تماماً، عن صداقاته في المدرسة، وانكفائه ما بين أفراد أسرة مغلقة وقد تعاني بمجملها من آثار الوباء على الحياة الأسرية.
يؤكد عالم الاجتماع في جامعة لوفين في بلجيكا، فانلانكر، أن نتائج هذه الظروف على الطفل ستنجم عنها “أزمة اجتماعية هي في طور التكوين”.. وهي أزمة قد تبدأ من الأثر النفسي على الطفل، وهو أثر لا نعبأ له كثيراً، وقد تصعب ملاحظته على الطفل، لكنه مهم في تشكل شخصية الطفل، ونضجه النفسي والعلمي والعاطفي.
وقفت قبل أيام عند تقرير نشر في بي بي سي، وكان التقرير يشير إلى دراساتٍ تبين تقدم الأطفال خلال العام الدراسي.. ولكن هذا يمكن أن يتراجع – بشكل جذري في بعض الأحيان – خلال العطلة المدرسية الصيفية الطويلة، خاصة في مواضيع مثل الرياضيات..
حيث يؤكد، ديف ماركوت، أستاذ الشؤون العامة في الجامعة الأميركية في واشنطن العاصمة، إنه:” يجري نسيان ما يقارب 25 ٪ مما يتم اكتسابه أثناء العام الدراسي خلال فصل الصيف”، ويحصل هذا في الولايات المتحدة، بنظامها التعليمي المتقدم، وفي عطلة سنوية وليس بتوقف طارئ
وضاغط.
لكن نظامنا التعليمي غير المستقر خلال هذا العام الدراسي كله، بمعظم شهوره، يحتمل الكثير من المشكلات، وبما يضاعف أزمة التأهيل العلمي والنفسي والعاطفي للتلاميذ، ومن غير الواضح ما إذا كانت وزارة التربية تهتم أم لا تهتم بهذه المشكلات.