مختصون يحذرون من تداعيات تخفيض قيمة الدينار

اقتصادية 2020/06/30
...

بغداد/ حسين ثغب
 مصطفى الهاشمي
في الوقت الذي تحدثت فيه تقارير عن أنَّ الحكومة تدرس خفض قيمة الدينار أمام العملات الأجنبيَّة، كتدابير لمواجهة الأزمة المالية الناجمة عن تراجع أسعار النفط وتداعيات (كورونا)، أكدت مجموعة من المختصين بالشأن الاقتصادي أنَّ تخفيض سعر الدينار أمام الدولار لا يستند الى أسسٍ موضوعيَّة ولا يمكن اعتماده لما يترتب عليه من أضرار بالاقتصاد العراقي والقوة الشرائيَّة للمواطن وقوة السندات العراقية في الخارج والتصنيف الائتماني للبلد.
وأفاد الاقتصادي د. فاضل محمد جواد بأنَّ "البنك المركزي له علاقة مباشرة بالموضوع، كونه يعدُّ المستشار المالي والنقدي للحكومة، وبالتالي لا يمكن استبعاده من العمليَّة".
وأضاف أنَّ "مجلس الاعمال العراقي - الأردني (صاحب مقترح تخفيض قيمة الدينار العراقي) - بحسب جواد - سوف لن يتأثر بالانخفاض كما يتأثر به المواطن الذي يعيش داخل العراق، فهو يتحمل النتائج أكثر من الذي يعيش خارجه ويتعامل بالدولار والعملات الأجنبية وليس بالدينار العراقي".
ودعا جواد "البنك المركزي والاقتصاديين العراقيين في داخل البلد الى أنْ يوضحوا رأيهم بشأن هذه المسألة الحساسة التي تهم الوطن والمواطن".
من جانبه قال المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس النواب د. همام الشماع إنَّ "دعاة تخفيض سعر صرف الدينار ليسوا بغافلين عن آثاره التضخميَّة، وما سينجم عن ذلك من توترات اجتماعية ستعمق سوء توزيع الدخل"، مضيفاً "لكونهم لم يتمكنوا من إقناع الجمهور بعدم تأثير التخفيض على مستويات الأسعار، فإنَّهم يحاولون إقناع الحكومة وإغراءها بازدياد إيراداتها من بيع العملات الأجنبية عند تخفيض سعر الصرف".
وأكد الشماع "أنهم يعدون الحكومة بزيادة 60 مليار دينار إضافية وبما مجموعه 18 ترليون دينارسنوياً في حال تنفيذ المقترح، إلا أنهم نسوا أن كلفة إنشاء شبكة رصينة وقوية للحماية الاجتماعية لخمسة ملايين عراقي من دون خط الفقر، وتعويض 73 بالمئة من المتقاعدبن الذين تقل مدخولاتهم الشهريَّة عن 500 ألف دينار، وتعويض مليون ونصف المليون موظف تقل مدخولاتهم الشهريَّة عن 500 ألف دينار، سيولد أعداداً هائلة ممن يتلقون الدعم بسبب هذا الإجراء والذي قد تصل قيمته الى ما يساوي قيمة المبالغ المودعة بسبب التخفيض".
ونوه الى أنَّ "شبكة الحماية الاجتماعية ستكون حالة مستمرة كما في برنامج البطاقة التموينية، التي مضى عليها 32 عاماً ولا أحد يجرؤ على إلغائها حتى الآن".
ذكر الشماع أنَّ "دعاة التخفيض نسوا تجربة عمليات طبع الورق وتحويلها لعملة في تسعينيات القرن الماضي وكيف كان هذا الطبع يضعف القوة الشرائيَّة من الطبقة المتوسطة التي تحولت الى معدمة لولا اعتماد برنامج البطاقة التموينيَّة في حينه"، لافتاً الى أنَّ "تخفيض سعر صرف الدينار هو عملية مشابهة تماماً لطبع الأوراق النقدية، فهي بالنهاية تعني قيام الحكومة بإضاعة جزءٍ من القوة الشرائيَّة لذوي الدخل الثابت وهي بالنهاية طريقة مبتكرة لاستقطاع جزءٍ من رواتب الموظفين بواقع 60 مليار دينار يومياً، بدايةً، إذ ما تلبث العلاقات السعرية أنْ توجِد تضخماً متصاعداً يقع على عاتق الفقراء".
ورأى الشماع أنَّ "دعاة التخفيض هم من المستفيدين لترويج منتجاتهم المحلية سواء زراعية أو صناعية وهذا أمرٌ مشروع ونحن ندعو لإجراءات إداريَّة وكمركيَّة للحد من منافسة المنتج المحلي وليس من خلال تخفيض سعر الصرف للدينار".
وأشار الى أنَّ "السياسة النقدية التي يرسمها وينفذها البنك المركزي، سواء في العراق أو في أي دولة في العالم هي سياسة مستقلة عن إرادة السلطة التنفيذيَّة، من دون أنْ يعني ذلك غياب التنسيق بين السياستين المالية والنقدية".
وبين أنَّ "سياسة الصرف ونظامه تعدُّ أحد أهم أركان السياسة النقدية، وبالتالي فإنَّ القول بأنَّ المركزي لا علاقة له بنظام الصرف ينم عن عدم إدراك الحقائق الاقتصادية، كما أنَّ القول بأنَّ الأموال هي أموال الحكومة هو مغالطة لأنَّ الحكومة والسلطة النقدية والسلطة التشريعة والقضائية هي مكونات الدولة التي ركنها الأساس هو الشعب".
من جهته رأى الباحث الاقتصادي د. أحمد الحسيني بأنه "ليس من المناسب الآن إجراء تخفيض العملة، خصوصاً أنَّ التفكير بهذا الإجراء يتزامن مع حالة الركود الاقتصادي العالمي والركود في الاقتصاد المحلي".
وأوضح أنَّ "تخفيض قيمة العملة بهدف تمويل العجز المالي في الموازنة ستترتب عليه آثار اقتصادية لا تحمد عقباها، خصوصاً الارتفاع في المستوى العام للأسعار بسبب زيادة معدلات التضخم"، مشيراً الى أنَّ "الاقتصاد حالياً لا يحتمل مثل هذه الآثار، فضلاً عن آثار الإغراق الاقتصادي للسوق بسلع قد تكون ذات نوعية رديئة لعدم وجود رادعٍ جمركي قد يحول دون تحقق ذلك"، مؤكداً "لا يجب أنْ يكون تخفيض قيمة العملة هو خط الصد الأول لمواجهة الأزمة المالية الناجمة عن تراجع أسعار النفط وتداعيات (كورونا)".