روين لين ترجمة: جمال جمعة
لقد انتصر الفن على الدوام، حتى في أوقات الوباء والمصائب. الموت الأسود، المعروف أيضًا باسم الطاعون العظيم، على سبيل المثال، محا أعداداً كبيرة من البشر من الوجود. بلغ ذروته في أوروبا في منتصف القرن الرابع عشر، وطاف الكرة الأرضية وتكرّر كتفشيات في أنحاء مختلفة من العالم لمئات السنين. ثم كانت هناك الانفلونزا (الإسبانية، أو الآسيوية، أو الخنازير) سمِّها ما شئت. الواقع أن البشرية لم تكن يوماً غريبة عن المرض وتفشياته. اليوم، بينما نتكاتف سويةً لمكافحة وباء كوفيد 19 الحالي، نلقي نظرة من التاريخ على خمسة من أساطين الفن ممن مارسوا الرسم في أوقات ملتبسة، حتى وإن لم يعش جميعهم لإكمال حكاياتهم.
رسام عصر النهضة الإيطالي تيتيان (حوالي 1488 - 1576)
كان تيتيان معروفًا بأنه متعدد المواهب إلى أبعد الحدود، يرسم البورتريهات والمناظر الطبيعية إضافة إلى الأعمال الدينية والميثولوجية. لعدة عقود، كان يُعرف بلقب "سيد الرسم الفينيسي". لا يزال من الممكن مشاهدة تحفته الكبيرة خلف المذبح (عيد انتقال العذراء، 1516 ـ 1818)، في كاتدرائية سانتا ماريا جلوريوسا دي فراري في البندقية، إيطاليا. لقد عمل حتى نهاية حياته، إلى أن توفي بالطاعون في عام 1576. عمله الأخير (الشفقة Pietà) يصور مشهداً ليليّاً درامياً للمقاساة والألم.
الفنان التعبيري النرويجي إدوارد مونش (1863 - 1944)
رسم مونش لوحته (الصرخة) في عام 1893، وهو عمل استمر ليصبح أيقونة في حد ذاته. نحن جميعاً
نعرفها ـ اللوحة التي يقف فيها شخص وتعبير مكروب على وجهه أمام سماء حمراء. مع التشوه والقلق المدوَّن في جميع أنحاء هذا العمل، قيل إن الرسام أشار إليها باعتبارها "لوحته الروحية". نجا مونش من جائحة الإنفلونزا الإسبانية، ورسم بعد ذلك صورة ذاتية لنفسه عقب الإنفلونزا الإسبانية (1919)، حيث بدا فيها هزيلاً، متدثراً بروب استحمام وبطانية.
الرسام النمساوي غوستاف كليمت (1862 ـ 1918)
لم يكن كليمت محظوظًا مثل مونش، فبعد أن قاسى من الجلطة الدماغية، وخلال فترة وجوده في المستشفى، أصيب بالتهاب رئويّ وتوفي في بداية جائحة الإنفلونزا. في ذروة "المرحلة الذهبية" للرسام الرمزي النمساوي، التي استخدم فيها أوراق الذهب في أعماله، رسم لوحته القُبلة (العشاق) (1907/ 08) والتي تظهر عاشقَين متشابكَين في عناق. هذه اللوحة الزيتية، التي تعتبر على نطاق واسع أكثر لوحاته شهرة، مكسوة بأوراق الذهب والبلاتين والفضة.
الفنان الألماني هانس هولباين الصغير (1498 ـ 1543)
هانس الإبن كان رساماً ومصمماً ألمانياً معروفاً بالدقة الآسرة والواقعية في بورتريهاته. بدأ برسم الجداريات والأعمال الدينية، وتصميم النوافذ الزجاجية المعشّقة.
انتقل إلى إنكلترا بحثًا عن العمل، وعند بلوغه أواخر الثلاثينيات من عمره أضحى رسام الملك هنري الثامن، ملك إنكلترا. توفي أثناء وباء الطاعون في لندن عام 1543، على الرغم من أن موته لا يزال موضع جدل في ما إذا كان ناجماً الطاعون أم مجرد "التهاب".
الرسام الفلامنكي الباروكي أنطوني فان ديك (1599 - 1641)
أمضى فان ديك معظم منتصف عشرينيات القرن السادس عشر يعمل في جنوة، إيطاليا، بعد فراره من باليرمو، حيث كان يعمل قبل أن يجبره تفشي الطاعون على الفرار. ترك وراءه مذبحاً غير مكتمل الرسم، لوحة (سيدة التسابيح) التي تم إرسالها إليه لإكمالها في جنوة. في السنوات القليلة الأخيرة من حياته، كان لديه ورشة عمل كبيرة في لندن حيث أنجز ـ مع مساعديه ـ بورتريهات ولوحات أسطورية للمحكمة الإنكليزية. توفي في ديسمبر 1641، وتلف قبره في كاتدرائية القديس بولس خلال حريق لندن الكبير
عام 1666.
عن The Star