تحديث الأداء المؤسسي

اقتصادية 2020/07/05
...

ياسر المتولي
 
في خضم توجهات الحكومة وضمن خطتها للإصلاح الإداري بإجراء التغييرات المحتملة للإدارات العامة في مؤسسات الدولة واستبدالها بتكنوقراط اختصاصيين يندرج ضمن مفهوم تحديث الأداء المؤسسي ومعالجة الخلل الذي تسبب بتجذير الفساد وفوضى الإدارة.
هنا نعتقد أنَّ حملة تغيير الإدارات العامة خصوصاً الفاشلة منها غير كافية لتحقيق تحسن الأداء أو تحديثه، إنما يتطلب الأمر توفر ثلاثة عناصر أساسيَّة والتي تعدُّ من متطلبات التحديث، وهي تحديث البيئة التنظيميَّة والتشريعيَّة وتأهيل الموارد البشريَّة وتحسين بيئة العمل.
عند ذلك نستطيع تحقيق الإصلاح الإداري المطلوب، وهنا لا بدَّ من تحديث أداء الملاكات الوسطى على وفق وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
يتعين التركيز على حلقات مهمة لأي مؤسسة خصوصاً في الجانب المالي والمحاسبي والقانوني وتدقيق معلوماتهم عبر إجراء دورات تدريبيَّة وتأهيليَّة وإخضاعهم لاختبارات مهنيَّة تتعلق باختصاصاتهم بالتنسيق مع الجامعات والكليات وبيوت الخبرة، أضف الى ذلك الإسراع بتحديث البيئة التشريعيَّة بما يضمن عدم التصرف وفقاً لمزاج الإدارات باستخدام التشريع المناسب نظراً لتقاطع العديد من القوانين قبل التغيير وبعد التغيير واستغلالها لمصالح شخصيَّة.
والشرط الثالث توفير بيئة نظيفة للعمل تستند الى احترام الوقت وحسن اللتصرف وحب المهنة.
هناك من يرى أنَّ هذه الإجراءات تحتاج الى وقت، نقول نعم وهو كذلك، لكنها من أساسيات تحقيق تحديث الأداء المؤسسي والإصلاح السليم.
نحتاج الى ترسيخ مضامين وأهداف الحوكمة؛ والتي تعني الإدارة الرشيدة، وهذا البرنامج يمكن تحقيقه عبر الدورات التأهيليَّة المقترحة.
وهنا لا بدَّ من الإشارة الى أنَّ توجهات العالم السريعة نحو الاقتصاد الرقمي وحوكمة الإدارة التي تتطلب التفاعل مع التحول الرقمي عبر اعتماد المعاملات الالكترونيَّة وإلغاء التعامل الورقي وحفظ السجلات سيكون تحدياً جديداً أمام الإدارات الجديدة.
ولا بدَّ من الانتباه الى أنَّ هذا التحول الرقمي سينعكسُ على حجم التوظيف في مؤسسات الدولة بأثر سلبي قياساً بنسب البطالة المريبة التي يعاني منها البلد والتي تتصاعد طردياً مع حجم توسع الجامعات وقبول كل خريجي الدراسة الإعداديَّة من دون اعتبار للمعدل. أضف الى ذلك البطالة الناجمة عن استخدام الإدارة
 الالكترونيَّة.
وهنا يتعين على من يتصدى للتحديث المؤسساتي أنْ يدركَ أنَّ لا مناص من الاعتماد على القطاع الخاص لاستيعاب النسبة الأكبر من العاطلين. ورب من يقول إنَّ هذا التوجه ضمن مسؤولية أصحاب القرار السيادي، نقول نعم بالتأكيد وإشارتي فقط للتذكير بأنَّ جميع الإدارات العامة كانت تقف ضد هذا الدور للقطاع الخاص وكذلك تعيق تنفيذه، لذلك قلت على الإدارات الجديدة أنْ تدرك هذه الحقيقة لتكون مشجعة وداعمة وغير معيقة لدور القطاع الخاص مستقبلاً، صحيح أنَّ هذا الرأي جاء متسرعاً واحشر في هذا العمود لكنني آثرت أنْ أثيره مسبقاً كي لا تتفاجأ الإدارات بما ستؤول إليه الأمور في أبجديات الإصلاح الإداري في عصر التطور الرقمي. ولنا عودة لهذا الموضوع في أعمدة لاحقة.