2019 وعام الانتظار

الصفحة الاخيرة 2018/12/31
...

حسن العاني 
هي اعوام أو مناسبات قليلات مضت، لكنها بألف عام، قد لا يكون التاسع من نيسان اولها وجعاً، ولا أشدها مرارة على مذاق البلد الآمن الذي ما مرّ على أهله ليل او نهار الا وعلا صوتهم بالدعاء "اللهم صفعوا الخد الايمن حتى أدموه"، ونحن نلوذ بالصمت احتساباً، فلعله كابوس أهوج، أو غيمة سوداء عابرة، غير إن اعماقنا تعج بنبض الحياة طالما اجراس الكنائس مازالت تحمل اصوات المآذن "سلام قولاً من رب رحيم"، ومازالت المآذن تردد نشيد الكنائس "وعلى الارض السلام" فيالتلك المسرات والنداءات الموشومة بالطمأنينة، كم تدفئ الجراح وتبعث الامل
المرتجى..
وهل على غير وقعها نحلم بالآتي ويلعب الاطفال وتعم السكينة ويغفو الارق، لأنها سلام حتى مطلع الفجر...
يومها كنا نقول: ربما لديهم ضمير او بقية ضمير فيستحي او تأخذه مخافة الله، الا ان ذئاب القاعدة لم ترتو من رائحة الدم، فأدرنا لها الايسر، ويحها تنهش
وتمضغ وتضحك، وهل غيرها يستطيب اللحم الادمي ودموع الاطفال، وما زال النهار شاحباً وصوت المآذن والاجراس وما تبقى من تعويذة السلام وكتب السماء ممزق فوق رؤوس الثكالى، والكون الاحدب يبحث عن وجدان... الكون الاحدب من غير وجدان، وليس سوى المجد لله في العلا...
ويومها في أعوام الارض المخضبة بالدماء، وآمالنا صوب عام جديد، مشرق الوجه اخضر العينين، كما ندعو وندعو: اللهم مسّنا الضرُّ وما عاد في الايمن متسع ولا في الايسر، وقد امست ارض انبيائك ومن اصطفيتهم اولياء ومقربين، قاحلةً ممحلةً مُرّةً، وعزاء يعقبه عزاء، وقافلة شهداء تتلوها قافلة، فبأي آيات الصبر نصبر، وبأي ابتهالات النجوى نناجي، الا ان تبعث لنا من عليائك عام وعد لا وعيد، وعام سلام على العراق.
آه يا عام الانتظار.. عساك تكون كذلك، فاذا هي ايام مباركات تطل كما المزنة السخية، في كل سنبلة مئة حبة... لا جدران ولا اسيجة ولا حواجز، بل هي آمنات المدن تخلع خوفها، ويطرز صبية المدارس صباحاتها المورقة بالدار والدور ومن دقّ بابنا واللثغات الحبيبة، يا عام الانتظار أكاد اراك واشمُّ قداحك بلا اجساد مفخخة ولا لائذين بالفرار، بلا وجوه ملثمة تغطي خزيها، يا التي ننتظر من الاعوام الموعودة، تعب الموت منا ولم نتعب، وطفح الكيل يا أخوة يوسف، وارض علي لو انزلنا عليها الماء اهتزت وربت، يا عامنا المرتجى، يا الآتيات من اعوامنا، يا قمراً ما بين الكرخ والرصافة، يا قمراً من جبالها الى اهوارها تطلُّ هلالاً لا أهلة، فاذا السنبلة سبع سنابل، وعامنا فارس على صهوة جواد ابيض، كفاه مخضبتان بالمحبة وهيبة الوطن كما أخبرتنا قارئة الفنجان، ونحلم بعودة المناجل الى الغناء، ونقسم بالمقدسات لو طفحت كأس ابن هانئ بالمباهج، ولو عادت 
مهاجرات الطيور الى اعشاشها، ولو.. نقسم لو بذرنا الشوك سينبت ريحاناً وياسمين...