مدينة الياسمين «دمشق» تأمل بالسلام العام المقبل

قضايا عربية ودولية 2018/12/31
...

دمشق / وكالات
اليوم .. حتى  الليل لن يكون اسود فأضواء دمشق تخفيه وضحكات الاطفال وهرج الشارع الدمشقي يتعالى ليكسر صمت الليالي السوداء  التي خيمت على البلاد السورية لتتغلب ارادة الحياة على الإرهاب، اذ تزينت كل سوريا استعدادا للاحتفال بعيد الميلاد المجيد واحتفالات رأس السنة الجديدة على امل ان يكون عام 2019 عام سلام وامن، واعمال وعودة سوريا للحضن العربي الذي افتقدته منذ سنوات بسبب الحرب والارهاب الذي انهكها.
وعلى الرغم مما عانته البلاد من الصراعات والحروب وتداعياتها من نقص الخدمات والتدمير الذي حول البلاد الخضراء الى خراب وركام مشبع بحرمان العوائل السورية التي عانت من الهجرة الى دول العامل بسبب الارهاب وويلاته إلا أن أهالي بلدتي محردة وسقيلبية، كغيرهم من اهالي البلدات السورية أناروا أشجار أعياد الميلاد المجيد،  ليبعثوا رسالة إلى العالم كله عنوانها  (الصمود والسلام ).
 
مسيرة الحل السياسي
وعلى الساحة السياسية والمباحثات الدولية لحل الازمة السورية أكد مصدر مطلع لوكالة “تاس” الروسية أن هناك عملا يجري للتحضير لعقد اجتماع جديد حول سوريا على مستوى القمة للدول الضامنة لعملية أستانا، ألا وهي روسيا وتركيا وإيران.
ونقلت “تاس” عن المصدر قوله إنه “من المقرر أن تعقد القمة في منتصف الشهر المقبل في موسكو، ويجري تنسيق الموعد الدقيق (للقمة) في موسكو والتي ستكون الأولى بعد إعلان الولايات المتحدة يوم 19 كانون اول الجاري عن سحب قواتها من سوريا في أعقاب ما وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ “الانتصار” على تنظيم “داعش” الإرهابي.
 
عودة  دبلوماسية
وبينما تتواصل المبادرات الدولية لعودة السلام والامن الى سوريا وممارسة دورها الطبيعي على الساحة العربية والدولية، كشف الإعلامي الكويتي ورئيس تحرير صحيفة “السياسة” الكويتية أحمد الجار الله، أن رئيسا عربيا جديدا سيتوجه لزيارة سوريا في العاشر من كانون الأول المقبل، مؤكدا أن سوريا ستحضر مؤتمر القمة العربية المقرر عقدها في تونس أذار القادم.
وكتب “الجار الله”، في تغريدة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “الرئيس الموريتاني سيزور دمشق بعد إثني عشر يوما أي في العاشر من كانون الثاني، زعامات عربية أخرى ستزور دمشق، وسوريا ستحضر مؤتمر القمة العربي”.
وأضاف قائلا: “مؤتمر القمة العربي سيعقد في تونس آذار القادم، وليس في الجزائر، وسوريا ستحضر المؤتمر وستعود للجامعة العربية”.
وتداولت وسائل إعلام، مؤخرا، أنباء مفادها أن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي يستعد لتوجيه دعوة إلى الرئيس السوري بشار الأسد من أجل زيارة تونس وحضور القمة العربية المقبلة في أذار 2019”.
بينما نفى وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، في تصريح لـ”موزاييك إف أم”، هذه الأنباء، قائلا: “تونس لم ترسل دعوات حاليا إلا للسعودية والإمارات”، وأشار وزير الخارجية التونسي إلى أن اتخاذ قرار حول سوريا قد يتم بعد اجتماع الرؤساء العرب في القمة، قائلا: ‘’هم من يقررون وليست تونس من تقرر’’.
يأتي ذلك، في وقت أعلنت فيه الإمارات الأسبوع الماضي، فتح سفارتها في دمشق، فيما أعلنت مملكة البحرين، استمرار عمل سفارتها لدى الجمهورية العربية السورية، لافتة إلى أن السفارة السورية في العاصمة المنامة تقوم بعملها المعتاد، وذلك بعد سنوات من إغلاق عدد من سفارات الدول العربية بدمشق عند بدء الأزمة السورية، كما قالت صحيفة “القبس” الكويتية، نقلا عن مصادر سورية لم تسمها، إن “فتح سفارة الكويت في دمشق قد يكون قريبا.  
وكانت جامعة الدول العربية أصدرت قرارا في تشرين الثاني 2011، بتعليق عضوية سوريا في الجامعة، وتضمن القرار وقتها مطالبة الدول العربية بسحب سفرائها من دمشق.
وكان الرئيس السوداني عمر البشير، قام بزيارة قصيرة ومفاجئة إلى دمشق منتصف الشهر الجاري، لم يعلن عنها إلا بعد انتهائها، حيث عقد خلالها مباحثات مع الرئيس السوري بشار الأسد، وتعتبر أول زيارة لرئيس عربي إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة السورية، قبل نحو 8 سنوات.    
 
تعاون ثنائي
 في سياق متصل تتجه سوريا وإيران إلى تعزيز التعاون والعلاقات الاقتصادية بشكل ستراتيجي طويل الأمد، بالإضافة إلى توسيع مجالات التعاون الاستثماري بين البلدين.
ذكرت وكالة “سانا” أن العاصمة الإيرانية طهران شهدت امس جلسة مباحثات اقتصادية   
وقال وزير الاقتصاد السوري محمد الخليل: “إن البلدين الشقيقين لديهما إرادة حقيقية وعزم كبير على تطوير العلاقات الاقتصادية” مشيرا إلى  اهمية تطوير العلاقات الاستثمارية والتجارية والمصرفية والمالية بما يسهم في التنمية الاقتصادية على مستوى البلدين ونعمل على تحقيق تسهيل وتنمية في التبادل التجاري بما يحقق انسياب البضائع بينهما”.
واردف الوزير السوري: “نعول على دور كبير للشركات الإيرانية وإمكانياتها في إعادة الإعمار في سورية ويجب أن يحظى التعاون المصرفي باهتمام خاص لأنه ضروري للتعاون التجاري والاستثماري”.من جانبه أكد وزير الطرق وبناء المدن الإيراني أن “سورية وإيران ستواصلان بعزم محاربة الإرهاب ودحره، معربا عن أمله بإنجاز الاتفاقية وإعدادها بشكل نهائي وقال إن “من أهم ضروريات هذه الاتفاقية تحفيز القطاع الايراني للعمل في سورية.. ويجب علينا تسيير الخط الائتماني لتسهيل قدوم القطاع الخاص الإيراني إلى سورية”.
وكان مسؤول إيراني قد أعلن في وقت سابق عن رغبة بلده في ربط سوريا بإيران عبر شبكة سكك حديدية مرورا بالعراق وذلك ضمن مشروع ضخم على مستوى المنطقة يهدف إلى تسهيل النقل والتواصل بين الدول الثلاث.
وبحسب وكالة “أنباء فارس” الإيرانية أعلن محمد موسوي، مدير عام شؤون الخطوط والمنشآت التقنية في شركة سكك الحديد الإيرانية عن مشروع يربط إيران بسوريا بإنشاء جسر متحرك فوق جسر نهر “أروند” للربط السككي 
وفي السياق العربي ايضا قالت هيئة الطيران المدني الإماراتي، إنها تعمل على تقييم وضع مطار دمشق الدولي، لتحديد إمكانية استئناف شركات الطيران الوطنية رحلاتها إلى دمشق خلال الفترة المقبلة. 
وصدر بيان الهيئة، بعد إعادة الإمارات فتح سفارتها في دمشق يوم الخميس الماضي. 
 
موقف روسي
الى ذلك أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف،   التوصل إلى تفاهم مع تركيا، بشأن تنسيق عمل قوات البلدين من أجل القضاء على الإرهاب في سوريا.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، عقب اجتماع ضمّ وفدين رفيعين من البلدين في العاصمة موسكو لمناقشة التطورات في سوريا.
وقال لافروف إن الجانبين اتفقا على “تكثيف العمل من أجل تهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم”، إضافة إلى بحث “محاربة الإرهاب في إطار اتفاقات البلدين”.
ولفت الى أنه جرى التشاور بخصوص قرار واشنطن سحب قواتها، مشيرًا إلى التوصل لتفاهم بتنسيق عمل البلدين العسكري في ظل الظروف الجديدة من أجل القضاء على خطر الإرهاب، مشيرا إلى بذل الدول الضامنة للتسوية السياسية بين النظام والمعارضة (روسيا وتركيا وإيران) قصارى جهدها من أجل تشكيل لجنة لصياغة دستور سوري جديد. 
 
تفاؤل بعودة سوريا للحاضنة العربية
وبينما تستعد العديد من الدول العربية لعودة عمل سفارتها في سوريا ربط العديد من المعلقين في صحف عربية التحركات الديبلوماسية العربية نحو دمشق بالإعلان الأميركي بخصوص الانسحاب من سورياً.
وينظر لهذه الخطوة على أنها تهدف لملء الفراغ الأميركي وإعادة سوريا إلى الحاضنة العربية.
يشير شهاب المكاحلة في “رأي اليوم” اللندنية إلى أن هناك “مزاجاً عاماً بين الدول العربية مع تحفظ البعض منها لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية في عام 2019 تمهيداً لدعوة الرئيس السوري بشار الأسد لحضور القمة العربية في اذار المقبل في تونس.بدوره يقول خليل حسين في “الخليج” الإماراتية على أهمية الخطوة الإماراتية بإعادة فتح سفارتها في دمشق، حيث يدعو لأن “تُتبع بخطوات عربية أخرى في السياق نفسه، علّ وعسى آن يُعاد التضامن العربي إلى ما كان عليه في غابر الزمن”.
من جانبه، يقول أمجد آل فخري في “العربي الجديد” اللندنية: “تتدافع الآن قوى إقليمية ودولية لملء الفراغ اﻷميركي، بعد قرار ترامب الانسحاب من سورية عسكرياً، بينما تتسابق أنظمة خليجية للإمساك بالنظام والاعتذار عن خطيئتهم”.
وينتقد الكاتب ما يصفه بـ”تهافت العرب من تونس إلى السودان إلى الإمارات ومصر ولبنان، لإعادة النظام إلى الحاضنة العربية والقرار العربي، وعدم تركه فريسة لأطماع الطامعين، وإبعاد مخاطر التدخّلات في سوريا، وكأن ملء الفراغ الأميركيّ يكون باحتضان النظام، الذي يحتاج توافقاً عربياً يعملون على تحقيقه”.
وأضاف هذه الدول تبحث عن “مبررات لتسويغ هرولتهم للخروج بقرار للجامعة العربية بإعادة النظام”.
وتقول فاطمة ياسين في “العربي الجديد” اللندنية إن “الإعلان الذي يبدو مبيتاً يشير، في ظاهرة تشبه سقوط حجارة الدومينو، إلى عودة كل دولة عربية إلى سفارتها القديمة في سوريا”.
“دمشق انتصرت”في الوقت نفسه  يرى حسن مرهج في “رأي اليوم” اللندنية أن العرب هم الذين”يعودون إلى حضن دمشق، وليس العكس، فالمنتصر من يفرض شروطه، ودمشق انتصرت”.ويقول: “الرئيس الأسد يجني ثمار صبره و صمود جيشه و شعبه، فالإمارات و البحرين باتوا في دمشق و على أبوابها، و هذه الخطوات ستكون افتتاحية للعديد من الخطوات العربية نحو سوريا”.ولا يتفق حسن مرهج مع ما يصفه بـ حجج واهية” يطلقها العائدون إلى دمشق بأن خطواتهم تأتي في سياق مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا، ففي رأيه “أن الواضح أن دمشق ستكون سبيلاً لهم للتقارب أكثر مع إيران، والابتعاد رويدا رويدا عن الغول الأميركي”. 
 
“عودة تدريجية”
بدوره يقول أمين بن مسعود في “العرب” اللندنية إنه “لا يمكن فصل تفاصيل هبوط أول طائرة سورية منذ 8 سنوات على الأقلّ، على مطار مدني تونسي (المنستير الدولي)، عن مشهدية إقليمية كبرى قوامها العودة التدريجية للدفء في جسم العلاقات العربية السورية، وإمكانية استعادة دمشق لموقعها ودورها ضمن الجامعة العربية”.
ويرى أن هناك “حسابات وإكراهات، حالت وتحول دون استئناف العلاقات الثنائية، أما الحسابات فهي مرتبطة بالمشهد العربي وهو في طريقه إلى التسوية”.
ويضيف “في الوقت الذي تحزم فيه عواصم كبرى خياراتها لصالح دمشق، تخطو تونس ‘أنصاف خطوات’ تجاه دمشق، فالتمثيل الدبلوماسي في دمشق مقتصر فقط على الجانب القنصلي، وقرار استئناف العلاقات رحلته الخارجية التونسية إلى الأمانة العامة للجامعة العربية، لتبقي على حالة ‘نصف الاعتراف’ التي تلخص رمادية كافة مواقفها من المشهد السوري.
وتتساءل “هسبريس” الإلكترونية المغربية: “هل يجدد المغرب اعترافه بنظام بشار الأسد بعد الإمارات والبحرين؟”وتقول إن “موسمُ العودة إلى دمشق قد بدأ” حيث بادرَت دول عربية إلى اقتراحِ وإرسال وفود دبلوماسية لملء الفراغ مع إعلان الإنسحاب الأمريكي من الأراضي السورية وذلك “عقبَ خمس سنوات من الجفاء والقطيعة الدبلوماسيتين”.
وتشير الصحيفة إلى أن هناك تساؤلات عما “إذا كان المغرب سيقدم على خطوة مشابهة”.