ياسر المتولي
السياسة التقشفية احدى الوسائل المهمة في التصدي للازمات المالية التي تواجهها البلدان .. وغالباً ما تستخدمها النظم الشمولية المنهج الاقتصادي.
والتقشف بمعناه البسيط ضغط النفقات الى ادنى حد على مستوى الدولة اجمالاً.والتقشف سيطبق في حال عدم القدرة على ضبط ادارة الموارد عبر ضبط النفقات ووقف الهدر ومعالجة الفساد وتعزيز الدخل المحلي من خلال حماية الانتاج وتشجيع التصدير.اما على مستوى المجتمعات فان مفهوم التقشف هنا يختلف ويتحول من سياسة الى ثقافة اجتماعية، ويعني ضغط الاستهلاك وعقلانيته وعدم الاسراف خصوصاً لدى الطبقات المترفة وسياسة التقشف تصلح في بلدان تتمتع باستقرار اقتصادي وسياسي وامني، و ذلك لتكافئه اي الاستقرار مع الخزين الستراتيجي لاي بلد سياسته التجارية عقلانية وغير منفلتة.الآن وزير المالية يكشف بشفافية اضطرار البلد لانتهاج سياسة تقشفية في ظل المتناقضات آنفة الذكر والتي تتطلب ابتداءً انتهاج سياسة استيرادية عقلانية بما يدعم المنتج المحلي وتوفير سلة الغذاء ومن ثم نعتقد ان المواطن العراقي يمتلك من الطيبة ما يجعله مقتنعاً بالتدابير الحكومية حين يراها عادلة وموفقة .وهنا فان ثقافة التقشف اصبحت حاجة وطنية تنقذنا من المستقبل المجهول الذي لا سمح الله أن يحل بالعراق اذا ماطالت الازمات المختلفة وعلى رأسها الجائحة.
ان الحرمان الذي تعرض له العراق ابان فترة الحصار، جعله ينبذ مفردة التقشف الى الحد الذي عزز ثقافة الاستهلاك غير العقلاني واقصد التبذير .وهنا علينا أن نتضامن جميعاً الى حين اجتياز الازمة المالية وأن نضحي من جديد ببعض من احتياجاتنا خصوصاً الكمالية لحين انجلاء الازمة.وصدقوني نحن بحاجة الى ثقافة التقشف قبل أن تفرضها الحكومة، علينا لان المؤشرات تشير الى ما لا يحمد عقباه ولنجعل الامل نبراساً لنا في مواجهة هذا التحدي عبر التقشف .وهنا اورد لكم احجية من الماضي القريب عند حدوث الازمة المالية في العام ٢٠١٤عقدت جريدة "الصباح" حلقة نقاشية استضافت خلالها المفكر الاقتصادي د. مظهر محمد صالح لادارة الحلقة النقاشية بحضور رئيس التحرير ومدراء الاقسام وجمع من المحررين
فكان د. مظهر صالح يعرض وجهة نظره بخصوص الاجراءات الصارمة لمواجهة الازمة في حينها وتحدث بصراحته وعلميته المعهودة والمشهودة وفتح المجال للحوار، فبادرت كوني رئيساً للقسم الاقتصادي للجريدة في حينها فكانت مداخلتي بالسؤال : هل تعتقد د .مظهر نحن بحاجة الى التقشف ؟ اجابني فوراً: كلا كلا لا نحتاج وهذه المفاهيم لا تتناسب مع التحولات الحاصلة .
لم اتفاجأ برده القاسي لكني استوعبت الحالة على اعتبار ان المنهج الاقتصادي يفترض أن يكون اقتصاد سوق حرة سمه ما شئت .
الآن مع عدم وضوح المنهج الاقتصادي الى يومنا هذا اعيد السؤال هل نحن بحاجة الى التقشف ؟ الجواب نعم التقشف وارد اذا لم تحسن ادارة الموارد وتحسين اداء المؤسسات.