أمجد ياسين
تسارع الأحداث العراقية وتداعياتها المحلية والدولية يؤشران الى أن مرحلة الصدام المباشر قد بدأت بين قوى اللادولة والحكومة العراقية اذا ما استمرت في كشف ومحاربة الفساد والفاسدين. لتبدأ مرحلة جديدة وعلنية ينتصر فيها من يمتلك نفسا طويلا وسندا جماهيرياً وهذا هو الأهم، فالكتل المشاركة في الحكومة على تنوعها تختلف مصالحها وتوجهاتها، وهذا لا يدع مجالا للشك أن لا رئيس وزراء عزيزا عليها وان اضطرتها الظروف للإتيان به في زمن وظرف ما. وهذه المعادلة وضعت كل رؤساء الوزراء العراقيين بعد العام 2003 في زاوية ضيقة جدا وتحت سطوة طلبات هذه الكتل واحتياجاتها الخاصة والتي تلبسها دائما لبوس الشارع الذي انتخبها.
إن طريق المواجهة المباشر بين الدولة والفساد بانت ملامحه واضحة عبر إسكات كل الأصوات التي تدعو لمحاربته وتعمل بشكل مباشر عليه، فالكلام كثير والفعل قليل جدا، وهذا القليل الذي بدأت به الحكومة سيواجه بردة فعل عنيفة على الصعيدين السياسي والأمني، لا يظن أحد أن كل هذه الأذرع الفاسدة لا يحركها رأس كبير يوزع الادوار ويختاز الزمان والمكان لتنفيذ مآربه الدنيئة، من هنا على الحكومة ان تضع المواطن العراقي في تفاصيل هذه المواجهة، لتجعلها علنية، وهو ما يخشاه الفاسدون، فطيلة 17 عاماً لم يؤشر باتجاه فاسد علنا او تلميحا، فبثوا في كل مفاصل الدولة العراقية فسادهم وانتقل الامر بهم الى انشاء كيانات تتخذ طابع العصابات للسيطرة على المنافذ والمناصب والمؤسسات بحجة المحاصصة وفرض الامر الواقع احياناً.
المواجهة ستتسع وتأخذ جميع الأشكال ولا تستقر إلا بعد ان تفرض الدولة سطوتها بصورة مباشرة على كل من يستهدف المواطن والوطن سواء عبر الفساد او نهب ثروات الوطن. ان التصدي لفساد المعابر الحدودية أمر مهم وخطوة بالاتجاة الصحيح ولكن يجب أن تشمل كل المعابر الحدودية الرسمية والوهمية من زاخو وحتى الفاو، ليشعر المواطن بجدية التحرك الحكومي في هذا الملف الساخن.
أمر آخر، يذهب بجدية الحكومة الى الإمام، فاذا لم تختر المواجهة مع العدوان التركي عليها ان تتجه لملف التعويضات لسكان القرى الذين هجروا وتضررت مصالحهم وأملاكهم ورفعها مباشرة الى المحاكم الدولية عبر تمكين سكان تلك المناطق من رفع دعاوى بهذا الخصوص، إن أضعف الإيمان هذا هو الخطوة الاولى في مواجهة العنجهية التركية، تتبعها خطوة السيطرة على المعابر الحدودية وزيادة عدد المخافر الحدودية معها والانتشار العسكري السريع في تلك المناطق والقيام بفعاليات عسكرية لتمكين القوات من فهم طبوغرافية المنطقة وأجوائها ومن ثم السيطرة عليها، فحرس الاقليم والمنظومة العسكرية العراقية لم تختر منذ زمن طويل مواجهة تمدد حزب العمال الكردستاني او مواجهة الاعتداءات التركية وبقاء الامر ينذر بتمدد عسكري تركي كبير قد يصل الى أطراف كركوك لتفرض أمرا واقعا خطيراً بحجة أمنها القومي مثلما تفعل في ليبيا التي تبعد عنها آلاف الأميال تحت سمع ونظر مجلس الأمن وأميركا التي لم تلتزم باتفاقية الإطار الستراتيجي لحماية حدود العراق سابقاً من داعش واليوم من حليفها في الناتو.