{ممثلونا} والتلفزيون

الصفحة الاخيرة 2019/01/01
...

حسن العاني
اشهر من نار على علم، قول مأثور له دلالته البلاغية، ولعل زميلنا الصحفي (أبو علي) في مقدمة من ينطبق عليهم هذا القول، حيث لا أحد من الوسط الصحفي، حتى جيل الشباب الجديد، الا ويعرف هذا الاسم او سمع به في الحد الادنى، وآية ذلك تكمن في السمات الاخلاقية النبيلة التي يتحلى بها الرجل، وربما كان في مقدمتها، تلك الميزة الغريبة المستحبة في شخصيته، فالرجل- بما فضل الله عليه من بحبوحة عيش ورثها عن اسرته، بستان وثلاث قيصريات مؤجرة – كان لا يسمع بأية خصومة او جفوة او اي شجار حدث بين إثنين من زملائه الصحفيين، الا واقام دعوة عشاء او غداء فخمة في داره، ودعا اليها مجموعة من الزملاء، وفي اثناء الجلسة وعلى مائدة الطعام ينتهي كل شيء وتتم المصالحة وسط اجواء عابقة بالمزاح والضحك والمرح و..ويغادر المتخاصمان المكان بكفين متشابكتين، وقد راقت الامزجة بالتأكيد وصفت النفوس!!
كما هو متوقع، فأن مثل هذه الطبيعة او الخصلة الكريمة الحاتمية للصديق الطيب (أبو علي) لا يمكن ان تمر بسلام ومن دون "استثمار"، فطالما دفعتنا الى ممارسة "الخبث" معه كنوع من الدعابة، فنفتعل خصومة او شجاراً عنيفاً في حضوره، لا أساس له من الصحة.. وهكذا يبادر الرجل على وجه السرعة الى تهيئة المائدة الفخمة ويدعونا اليها، وأظرف ما في هذه الدعوات، هو إننا نفضح انفسنا بأنفسنا ونكشف (مؤامرتنا) أمامه، فيستغرق الرجل في الضحك ولا يغضب ابداً، ويعرب عن سعادته الكبيرة لان الخصومة كانت مفتعلة!!
من بين ما تستحضره ذاكرتي، حادثة تعود على الارجح الى عام 2007، وقبيل عيد الاضحى بعشرة ايام او اسبوعين، حيث حضرت واحدة من دعواته الكريمة، وكما جرت العادة، انتهت مثلما كانت تنتهي بكفين متشابكتين واجواء من الالفة والمرح... ولكن الامر الجديد الذي حصل في تلك الدعوة، هو إننا كنا نتابع حواراً تلفازياً على إحدى الفضائيات استوقفنا موضوعه، لكونه يتعلق بغيابات بعض اعضاء البرلمان، وربما شدنا البرنامج اليه ومتابعته بانتباه، كون شخصيات الحوار برلمانيين، وهو الامر الذي يعني إننا نستمع الى شهود عيان، مثلما يعني ان الحوار يتمتع باعلى درجات المصداقية...
القضية التي فاجأتنا هي إن البرلمان طوال عام 2007 كان يعاني معاناة غير طبيعية من (عدم إكتمال النصاب)، ولكن المفاجأة الاكبر التي وقفنا عليها، هي ان اعضاء البرلمان لا يعرفون بعضهم البعض بسبب كثرة الغيابات ومددها الطويلة، وقد جاء هذا الاعتراف الصريح على لسان احدى الفاضلات من اعضاء البرلمان.. وفيما كنا نتبادل نظرات الحيرة والاستغراب، إرتفع صوت (أبو علي) قائلاً: (أنا اتعهد بحل هذه المشكلة الصغيرة، سأقيم لهم بعد العيد دعوة عشاء وحفلة تعارف)، ولكن الرجل لم يحدد يوماً معيناً، ومضى الاضحى ومضت أعياد كثيرة بعده، ونحن نتحرق شوقاً لحضور الحفلة كي نتعرف بدورنا على (الممثلين) الذين لا نراهم الا على الشاشات الصغيرة!