د.سلوان فرنسيس يوسف
لا يخفى على احد الدور الحيوي المهم الذي كان يلعبه القطاع الخاص في العراق في خمسينيات وبداية ستينيات القرن الماضي ومساهمته في النهضة الاقتصادية والعمرانية في العراق والتي نستطيع أن نرصد انجازاتها الى يومنا هذا، الا انه تعرض لعدة تحديات كبرى كان اولها التأميم في عام 1964 الذي اصدرته الحكومة العراقية آنذاك وأممت بموجبه الشركات الصناعية والتجارية الكبرى الرائدة في مجالاتها على مستوى الشرق الاوسط لتحصر الاستيراد لجميع المواد والمنتجات بالشركات الحكومية وأممت المصارف العراقية الخاصة التي كانت اداة فعالة في تنشيط الحركة الاقتصادية لتختزل القطاع المصرفي في مصرف الرافدين .
ثم جاء الشلل الاكبر في ظل النظام السابق منذ عام 1968 حيث تم حصر جميع انواع الاستيراد للسيارات والمعدات والاغذية والادوية والآلات والاجهزة المختلفة بشركات حكومية جديدة.
وفي التسعينيات من القرن الماضي وفي ظل الحصار الجائر سمحت الحكومة لشركات القطاع الخاص بتوريد المواد المختلفة لدوائر الدولة وعلى نحو محدود بسبب الحصار وقلة الموارد
المالية .
وبعد 2003 ادعت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ ذلك الحين وحتى الان بتطبيق اقتصاد السوق وتقوية القطاع الخاص لكن التحديات جاءت من جميع الاتجاهات لهذا القطاع الحيوي الذي يجب أن يكون نقطة الارتكاز لتطوير الاقتصاد وبدونه سيبقى الاقتصاد العراقي اعرج يرتكز على رجل واحدة وهو بيع النفط وسيبقى اقتصاد العراق ريعياً غير قادر على الحركة بين الحين والاخر .
ان التأثيرات السلبية على القطاع الخاص جاءت من جهات مختلفة حتى وصلت في بعض الاحيان الى وضع المطبات في سيره واحياناً اخرى الى الاذلال او وضع العصا في الدواليب لكي يتم لي الاذرع على نواح مختلفة، ولالقاء الضوء على السلبيات التي تجابه القطاع الخاص وكيفية التغلب عليها، سأشير الى النواحي التالية :
• الشركات والدوائر الحكوميَّة
ان الشركات والدوائر الحكومية هي العميل والمشتري الاول للمواد والخدمات في العراق لان باقي القطاعات الاقتصادية مثل الزراعة والصناعة وغيرها شبه مشلولة، لذا فان اي خلل في القطاع الحكومي سيؤثر تأثيراً مباشرا ً في القطاع الخاص الذي يوظف الملايين من الموظفين والعمال وسيكون
سلبياً.
وخلال السنين السابقة حدثت مطبات كبيرة جراء انهيار اسعار النفط والحرب الطائفية واجتياح داعش للعديد من المحافظات واخيراً جائحة كورونا التي ادخلت الناس والاقتصاد العراقي الى غرف الانعاش. واليوم لا اريد أن اناقش كيف نطور الاقتصاد العراقي لان هناك العديد من الخبراء الذين كتبوا الدراسات المهنية الكثيرة وعلى الحكومة الحالية أن تناقش هذه الدراسات مع كاتبيها للوصول الى انجع الحلول الاقتصادية . لكنني اود أن اشير هنا الى السلبيات التي تتعامل بها الشركات والدوائر الحكومية مع القطاع الخاص العراقي المتهرئ والامور الاخرى التي تثني هذا القطاع الحيوي عن اداء
عمله .
• المناقصات المحليَّة والخارجيَّة
تشترك شركات القطاع الخاص بالعديد من المناقصات المحلية والخارجية والتي تعلن من قبل الشركات والدوائر الحكومية على مدار السنة . المشكلة الاولى هي تأخر اللجان في التحليل حيث يمتد ذلك في بعض الاحيان الى اشهر وسنوات ولما تتم الموافقة على منح العقد لاحدى الشركات المتنافسة تكون الاسعار قد ارتفعت او الموديل قد تغير ..الخ وعند التجهيز هنالك ارهاصات كثيرة يتعرض لها المورد او المقاول من الموظفين في القطاع الحكومي وفي الموانئ والجمارك والسيطرات ..الخ . والطامة الكبرى هي عند صرف المبالغ للمجهز او المقاول يأتي لي الذراع من الموظفين الفاسدين وهلم
جرا.
ان الامور التي تعيق العمل في القطاع الحكومي تتلخص في الفساد، وعدم المهنية، وتغيير الموظفين على نحو دائم وضعف مستواهم التعليمي او خبراتهم، والبيروقراطية والروتين المطول على نحو يجعل شركات القطاع الخاص في نفور دائم من التعامل مع القطاع الحكومي.
• المصارف الحكوميَّة والأهليَّة
ان شركات القطاع الخاص في جميع انحاء العالم تعتمد على المصارف المختلفة للتمويل وتقديم الخدمات لها للعمل على تنفيذ العقود التي بحوزتها الا في العراق فالمصارف العراقية والاجنبية العاملة في العراق . ينصب عملها على شراء الدولار من البنك المركزي العراقي وبيعه باسعار مجزية تغنيها عن العمل وتقديم الخدمات المصرفية الاخرى ما ادى الى عزوف المصارف في العراق عن التعاون مع شركات القطاع الخاص. ان دور البنك المركزي العراقي مهم في حث المصارف على التعاون مع القطاع الخاص، كي يسهم في تطوير الاقتصاد العراقي من خلال تقديم جميع انواع الخدمات المصرفية وبكلف مقبولة لكي يكون باستطاعة الموردين والمقاولين اداء عملهم على احسن وجه .
• الضرائب
ان الضرائب على شركات القطاع الخاص في العراق غريبة حيث تدخل في مجال العشوائية والانتقائية، كما انها ليست على اسس ثابتة مثلما هو معمول به في الدول الاخرى، ناهيك عن الفساد بين عدد من الموظفين الذين يعملون لجيوبهم اكثر من اهتمامهم بتحصيل الضرائب للدولة . كذلك فان الضرائب على شركات القطاع الخاص في ازدياد ملحوظ سنوياً ما يشل ذلك من حركتها في السوق وعدم امكانها دفع مثل هذه الضرائب لقلة الموارد المالية