بغداد/ عماد الامارة
قال مختص بالشأن الاقتصادي إن آراء المختصين عن جولات التراخيص التي أبرمتها وزارة النفط قد تباينت، فهناك من عدَّها بداية صحيحة لتطوير الصناعة النفطيَّة في العراق، بينما عدها آخرون بمثابة ارتهان ثروة العراق النفطيَّة للشركات الأجنبيَّة، لكنْ يبقى لهذا النوع من الاستثمار العديد من المزايا رغم وجود مجموعة تؤيده وأخرى تنتقده كونها ترى فيه مجموعة من السلبيات.
جولات التراخيص
بيَّن الخبير الاقتصادي أحمد الراوي أن «إيجابيات جولات التراخيص تتمثل بكونها أفضل مما تضمنته مسودة قانون النفط والغاز التي لم تقر حتى الآن من قبل البرلمان، لكون هذه الجولات اعتمدت عقود خدمة تتقاضى بموجبها الشركات الفائزة بالعقد رسوم إنتاج محددة عن كل برميل نفط يتم إنتاجه».
وأضاف الراوي في حديث لـ»الصباح» أنَّ «تجارب العراق السابقة، لا سيما في عقد السبعينيات، أثبتت نجاح هذه التجربة، إذ طورت شركات برازيليَّة الاحتياطي النفطي العراقي وقفزت بمعدلاته
قفزات مهمة من خلال عقود الخدمة».
وتابع «نظراً لانقطاع العراق منذ التسعينيات ولمدة طويلة عن التطورات التكنولوجيَّة في مجال النفط لذلك يصعب تعامل الملاكات الوطنيَّة مع التطورات المتسارعة في هذا المجال، وبالتالي لا تستطيع تلك الملاكات، رغم كفاءتها، النهوض بقطاع النفط والغاز بمعزل عن الشركات الأجنبيَّة».
وأكد أنَّ «تطوير هذه التراخيص النفطيَّة يجعل من العراق قوة اقتصاديَّة على المستوى الإقليمي والدولي ويجعل طاقاته الإنتاجيَّة تتجاوز الطاقات الإنتاجية لدول المنطقة كالسعودية وإيران وأخذ مكانة الصدارة بين الدول المصدرة».
الحقول النفطيَّة
لفت الراوي الى أنه «بالرغم من هذه الميزات المهمة إلا أنَّ هناك رأياً آخر لكثير من المراقبين والمتابعين الذي يجدون أنَّ هناك سلبيات في جولات التراخيص النفطيَّة، لا يمكن تجاوزها ويدعون لوضع معالجات مناسبة لها».
وبين أنَّ «من أبرز الملاحظات أنَّ الجولات شملت أهم وأكبر الحقول النفطيَّة المنتجة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، فالحقول التسعة المعروضة في جولة التراخيص الأولى يبلغ مجموع الاحتياطي النفطي لها أكثر من 50 بالمئة من احتياطي العراق النفطي»، موضحاً «يشكل إنتاجها الحالي أكثر من 85 بالمئة من الإجمالي النفطي للعراق، وهذه الحقول معروفة بشكل جيد من قبل ملاكات النفط الوطنيَّة وقادرة على إدارتها وتطويرها، وكان بالإمكان أنْ تعرض حقولٌ أخرى تراجع إنتاجها بغية تطويرها».
وقال الراوي: «يرى البعض أنَّ عقود التراخيص مع الشركات الأجنبية جاءت بمعزلٍ عن بعض القوانين المنظمة لاستثمار الثروة النفطيَّة كقانون حماية الثروة الهيدروكربونية رقم 84 لسنة 1985 وقانون 97 لسنة 1967 وقانون 22 لسنة 1997».
مصادقة البرلمان
استطرد الراوي «من السلبيات التي ثبتها بعض الخبراء أنَّ عقود التراخيص لم تخضع الى مصادقة البرلمان والتي يرى البعض أنَّ قانونيتها لم تكتمل من دون مصادقة البرلمان عليها، بينما ثبتت سلبيات أخرى منها أنَّ هذه العقود تبدأ بزيادة الإنتاج بعد ثلاث سنوات من تاريخ توقيع العقد مع الشركات الأجنبيَّة وبنسبة 10 بالمئة فقط سنوياً»، مضيفاً «بينما يستطيع الملاك النفطي الوطني زيادة الإنتاج بشكل أسرع لو تمت تهيئة الظروف الفنية والإدارية، وقد تمكن الملاك الوطني من زيادة الإنتاج لأكثر من 150 ألف برميل يومياً من النفط
الخام ونحو 100 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي خلال فترة وجيزة عام 2009 واستمرت الوتيرة بالتصاعد لاحقاً».
ونقل الراوي رؤية البعض الآخر في جوهر هذه العقود على أنها «عقود مشاركة وليست عقود خدمة كما تصفها وزارة النفط، لأنها تشارك في الإنتاج وملكية الإنتاج وتتحكم في معدلات الإنتاج ولها الحق الحصري في استثمار المكامن المستقبليَّة من الحقل، لذلك لا بدَّ من إبقاء هذه الحقول تحت السيطرة الوطنيَّة لأنها تمثل إحدى الركائز الأساسيَّة للأمن الوطني والاقتصادي».