وضع نهاية للحرب الكورية لن يكون سهلاً

قضايا عربية ودولية 2020/07/22
...

ترجمة : أنيس الصفار     
 
                                       
أحيا العالم مؤخراً الذكرى السبعين لبداية الحرب الكورية، وقد خطر لفريق الدراسات الكورية في مركز "ناشنال إنتريست" ان يطرح على عدد من ابرز الخبراء في العالم سؤالاً بسيطاً هو: هل تعتقد بأن الحرب الكورية سوف تشهد نهايتها الفعلية قبل حلول ذكراها في 2025؟ وفي ما يلي مجمل لما اجتمع لديهم من إجابات هؤلاء الخبراء.
لإنهاء الحرب الكورية هناك نهجان؛ الأول يقترح استبدال اتفاقية الهدنة بمعاهدة سلام تحل محلها بمجرد إقدام كوريا الشمالية على نزع سلاحها النووي، أما الثاني فيرتئي الإعلان عن نهاية الحرب الكورية من اجل تشجيع كوريا الشمالية على نزع السلاح النووي عن طريق الغاء الحافز الداعي الى محاصرتها. بكلمة اخرى فإن النهج الأول يرتئي ان تكون نهاية الحرب الكورية هي ثمرة تخلي كوريا الشمالية عن السلاح النووي، بينما يرى الثاني فيها عاملاً مساعداً ومعجلاً لحث كوريا الشمالية على التخلي عن ذلك السلاح. ولكن في ضوء الوضع الراهن، بعد أن اصبحت كوريا الشمالية قوة نووية فعلية، يصبح كلا النهجين غير عملي لأنهما قائمان ابتداء على أساس اننا نمتلك القدرة على تجريد كوريا الشمالية من اسلحتها النووية.
يجب ان نضع في الحسبان ان انهاء الحرب الكورية لا يقتصر على توقيع معاهدة سلام فقط، لأن تلك الحرب وتبعاتها، وتقسيم شبه الجزيرة الكورية الذي دام زمناً طويلاً، قد خلفت ارثاً من المشكلات التي ابتلي بها شعبا الكوريتين طيلة السنوات السبعين الماضية. شعب كوريا الشمالية قضى تلك الفترة في ظل نظام حكم شمولي متوارث عفا عليه الزمن، نظام يعتقد بأن قوام وجوده وعدة بقائه هي الاسلحة النووية والصواريخ البالستية. على هذا الاساس فإن ما تطلق عليه تسمية المشكلة الكورية لا ينحصر في مشكلة الصواريخ النووية فقط، بل يتضمن ايضاً التهديد العسكري التقليدي وانتهاكات حقوق الانسان والازمة الانسانية والعلاقات الدبلوماسية الشاذة مع الولايات المتحدة واليابان جراء انعدام التطبيع. جرياً مع هذا السياق فإن الاساس لإنهاء الحرب الكورية يجب ان يتجه الى بناء انظمة محبة للسلام في شبه الجزيرة الكورية بدلاً من انتهاج الخط القانوني المتمثل باستبدال اتفاق الهدنة بمعاهدة سلام. بناء الانظمة المحبة للسلام سوف يخلق نقطة تحول لحل معضلة كوريا الشمالية، ويفتح آفاق الاسواق ويدفع برياح التغيير لتهب في انحاء كوريا الشمالية، بيد ان السبيل الوحيد للقيام بهذا هو جعل سلالة كيم تتخلى عن الاسلحة النووية، الأمر الذي سيعبد الدرب بدوره لإنهاء الحرب الكورية على نحو شامل يتضمن بين ثناياه الوقف القانوني للحرب. اما اذا استمرت سلالة كيم في مقاومة مطالب المجتمع الدولي إياها بنزع سلاحها النووي، فسوف تواجه عزلاً تاماً تضاعف آثاره عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وجائحة فايروس كورونا. من الواضح ان الشمال يواجه وضعاً اقتصادياً بالغ الصعوبة، يزيده تفاقماً اغلاق الحدود مع الصين التي يدخل عبرها كثير من السلع الاساسية التي تتعامل بها الاسواق الصغيرة الكثيرة المنتشرة، لذا سوف يترتب على الرئيس "كيم جونغ أون" ان يختار بين انهيار نظامه أو التخلي عن السلاح النووي، اللهم إلا أن يصدر الرئيس "دونالد ترامب" رفعاً للعقوبات عن الشمال.  إذا اختار كيم نزع سلاحه النووي فسوف تشهد شبه الجزيرة الكورية قيام نظام سلمي يستتبعه وضع نهاية للحرب الكورية قبل حلول ذكراها الخامسة والسبعين في العام 2025. بخلاف ذلك سوف تعرض كوريا الشمالية نفسها لمجازفة انهيار نظامها في غضون عامين لا أكثر، وسوف يكون على كوريا الجنوبية ان تتلمس طريقها لإيجاد فرصة لتحقيق التوحد بين الشطرين، والفرصة كامنة في استيعاب ما سيتحقق من نتائج. بالطبع فإن التوحد ليس نتيجة مضمونة، لأنه يبقى مرهوناً بما اذا كانت حكومة كوريا الجنوبية ستدرك الثمن الهائل لتقسيم كوريا، وكذلك سيعتمد الامر على حسن استعدادها للتعاطي مع الاوضاع الطارئة التي ستمر بها كوريا الشمالية داخلياً وخارجياً.      
سونغ هان كيم
عن موقع "ناشنال إنتريست"