د. باسم الابراهيمي
شرعت الحكومة الجديدة بعملية ضبط المنافذ الحدودية بوصفها واحدة من الأهداف التي حددتها، لما لها من تأثير مهم في عملية تعزيز الإيرادات غير النفطيَّة والتي تهدر حالياً بسبب تفشي الفساد المالي والإداري في المنافذ على الرغم من كل الإجراءات التي تم اتخاذها سابقاً، لا سيما تشكيل هيئة المنافذ الحدودية المرتبطة برئاسة الوزراء لضبط العمل فيها ومحاولة توحيد الإجراءات، وعلى الرغم من النجاح النسبي لها إلا أنَّ موضوع ضبط المنافذ ظل عصياً على الحل واستمر الهدر الواضح في العائدات المالية والذي يقدره البعض بحدود ثمانية مليارات دولار سنوياً، بينما لا يصل الى الخزينة العامة في أحسن الأحوال سوى أقل من ملياري دولار. والسؤال المهم هل ستنجح الحكومة في هذا الهدف؟
قبل الإجابة على هذا السؤال لا بدَّ من الإشارة الى أهمية هذه العملية من النواحي الأخرى غير المالية، فحالة المنافذ «الرخوة» تؤشر ضعفاً واضحاً لوجود الدولة وإنفاذ القانون فيها وهذا بدوره يؤثر علينا صحياً وأمنياً واقتصادياً، ففي الجانب الأول حالة الضعف تسهل دخول السلع الفاسدة وغير الخاضعة لضوابط الصحة والسلامة وهذا ما يتم الكشف عنه يومياً، أما الجانب الأمني فقد شهدنا نتائجه مراراً في دخول بعض المواد الممنوعة قانوناً وتهريب مواد أخرى من العراق، وهو بالنتيجة يشكل تهديداً مستمراً للأمن في العراق، أما في الجانب الاقتصادي فإنَّ عملية ضبط الحدود تسهم في تنفيذ السياسة الاقتصادية للحكومة في إطار تنفيذ الجدران الجمركيَّة وحماية بعض القطاعات الاقتصادية من أثر الإغراق السلعي والمنافسة غير العادلة، وبالتالي يمكن أنْ تنشط تلك القطاعات وفقاً لرؤية الحكومة الاقتصادية. وإذا ما أرادت الحكومة أنْ تنجح في ضبط المنافذ الحدودية فإنها بحاجة الى حزمة متكاملة من الإجراءات ولن تفي بهذا الهدف الإجراءات القائمة على استخدام القوة الأمنية فقط، إذ ينبغي أنْ تتكامل معها إجراءات أخرى منها سياسيَّة، لا سيما ما يتعلق بمنافذ إقليم كردستان، وكذلك الإجراءات المتعلقة بعملية أتمتة العمل الجمركي لما له من دور في تسهيل الإجراءات وإبعاد التدخل البشري وتسريع العمل، فضلاً عن ضرورة الاستفادة من تجربة الاستثمار الخاص في البنية التحتية والخدمات (غير العامة) وفي هذه الظروف تحديداً نظراً لقلة العائدات المالية الحكومية. وإذا ما نجحت الحكومة في ذلك فإنها ستكون قد قطعت شوطاً مهماً في الإصلاح الاقتصادي.