في النهاية .. لا يصح إلّا الصحيح

آراء 2020/07/28
...

علي كريم خضير 
 
    في خطوات الحكومة الأخيرة المتمثلة بالسيطرة على المنافذ الحدودية مع الدول المجاورة كثير من الحرص العالي على أمن العراق، والعراقيين، وحقيقة التوجهات التي تهدف إلى بناء عراق مؤسساتي، يستطيع المواطن فيه الشعور بالطمأنينية والاستقرار، بأن هناك حكومة وطنية تفعّل إجراءاتها الوقائية على كل مايدخل العراق من مواد، وحاجات ضرورية أخرى صالحة للاستعمال، تمتاز بجودة النوعية، وحسن الاستخدام. فالتجارب السابقة أثبتت أن السواد الأعظم من التجار، وبعض الشخصيات السياسية التي تمارس التجارة، وعقود المقاولات خلافا للقانون. كانت تحكمهم المصلحة الخاصة، والإثراء على حساب الغير. وقد مارسوا دورا سلبيا، وفاضحا بحق أبناء الشعب، وذلك من خلال توريد البضائع الرديئة، والمنتهية الصلاحية أحيانا، وعدم توفر الشحن الصحي المناسب لها، هذا فضلا عن استثمار رؤوس أموالهم في دول أخرى. كل ذلك، كان سببا في انعدام الرقابة القانونية التي يلزم التقيد بها، ما أدى الى كثرة عدد التجار في العراق، ومن ثم عدم إحكام الرقابة على مستورداتهم المتنوعة. فأصبح بمقدور كل شخص لديه مبلغ من المال لابأس به أن يذهب الى الصين، أو الإمارات العربية، أو أي دولة أخرى، فيأتي بالبضاعة ذات الاستهلاك اليومي، أو الشهري، أو السنوي، وحسب الطلب. وكثيرا من هؤلاء كان يُصرّح بالقول عند العودة: إن الصينيين يقولون لهم: كيف تريد جودة بضاعتك، نزودك بها. (ولكن على فلوسك)؟!!. 
وهكذا أغرقوا السوق العراقية بالسلع الزائفة التي يضطر المواطن البسيط الى شرائها لرخص ثمنها. وعدم قدرته على  شراء مثيلها، وإن كان الأخير في حقيقته لايرتقي الى النوع الجيد أيضا. بل إن السوق العراقية تفتقر بالجملة الى النوع الأصلي، وجميع ما في أسواقها من نوع (السلعة التجارية). وهنا يبرز - باعتقادي المتواضع- غياب السيطرة النوعية عن أداء وظيفتها المطلوبة. وافتقاد غرفة التجارة العراقية الى المنهجية الصحيحة في شروط منح إجازات العمل. كذلك غياب الأداء الحكومي المتمثل بأمن الدولة الاقتصادي. فجهاز الأمن الوطني ينبغي أن يفرض سيطرته على السوق التجارية في العراق، وأن يفرض شخصيته التي ماتزال غائبة عن متابعة هذه الأساليب المعوجة من قبل التجار. وأن يضم في صفوفه عناصر متخصصة، ومدربة جيدا على أيدي خبراء، كي يستطيع أن يكشف حيل وخداع المنتفعين من التجار، ويضع الحدود الواجبة المفروضة عليهم. وهذا إجراء ضروري من شأنه أن يترك ارتياحا في نفوس المواطنين جميعا، ويسهم في الحفاظ على العملة الصعبة للدولة من الهدر، والتبذير. 
إن لم تكن تلك الممارسات السيئة تقف خلفها منظمات مناوئة لسياسة الدولة تعمل فيها على (ظاهرة غسيل الأموال)، التي تروم من خلالها هذه الجهات، كسر شوكة الدولة واستسلامها، بحكم أن الاقتصاد الوطني هو العمود الفقري لسياسة الدولة وشخصيتها المعنوية بين الدول الأخرى. وبعد ان أحكمت الحكومة قبضتها على بعض المعابر المهمة على الحدود مؤخرا، ينبغي أن تُشكلُ لجان متخصصة من مختلف الهيئات الرقابية المستقلة للدولة، توزع بين المنافذ الحدودية، وتكون مهمتها رديفة لعمل القوات الأمنية التي تفرض الأمن والقانون بالقوة.  
شريطة أن تراقب هذه اللجان في عملها شهريا من جهات رقابية أعلى. ومن الضروري أن تستبدل هذه اللجان كل (3 - 6) أشهر بلجان مثيلاتها في معبر آخر، للوقوف على عملية حسن الأداء، والنزاهة، ومن أجل التركيز على معوقات العمل التي تستلزم المعالجة، من خلال التأشير المتكرر عليها من قبل المختصين من ذوي العلاقة. ومن اللافت، أن أصحاب النفوس المريضة قد لايركنون الى الدعة والهدوء. 
فقد تملكهم الطمع، وأصبحوا لايحسنون التفنن إلّا بالطرق الممنوعة. وهنا ينبغي أن نضع لكل داء دواء يناسبه، ويقضي عليه. فقد يستخدم هؤلاء أسلوبا جديدا، وهو أسلوب تقليدي، وليس مبتدعا، وقد مورس هذا اللون قديما في تهريب النفط من كركوك أبان النظام السابق. هذا فضلا عن كونه يمارس ولهذه اللحظة من قبل مافيات التهريب في الصحراء، والمناطق الحدودية في سنجار وغيرها. ولا أدري لماذا لا يُسلط الإعلام الضوء على ماكينة هذا الفساد الذي استشرى وبشكل واسع بعد سقوط النظام السابق. إذ تدل حيثياته على  أنه كان موجودا في زمن النظام المباد، ويتم عبر عقد صفقات مع قوات حرس الحدود لمرور هذه الجماعات المارقة. وأود أن ألفت عناية السيد دولة رئيس الوزراء المحترم أن الجيش العراقي الجديد قد فقد قائدا من ألمع القادة الأمنيين، حاصل على الشهادات العسكرية العليا، من كلية الحرب، والدفاع الوطني. قد أستشهد منتصف نيسان ٢٠١٤م، بسبب تصديه لهذا الملف الخطير. إذ كان شقيقي الشهيد البطل الفريق الركن حسن كريم خضير/ قائد عمليات الجزيرة والبادية، يرصد تحركاتهم في عمق الصحراء، وعبر الكمائن الليلية، وطالما دخل معهم في معارك ضارية، حتى قضى على التهريب بنسبة ٨٠ بالمئة. ولكن الآيدي الآثمة قد طالت هذا الشهيد في حادثة طائرة اكتنفها الغموض، وسجلت، ظاهرا،  بسبب خلل فني، ولكن إلى يومنا هذا لم نقف على هذا الخلل الفني، وماهي حيثياته؟!. ألا فالحذر.. الحذر سيدي دولة الرئيس من هؤلاء الذين تجد أقدامهم (هنا، وهناك) في الوقت 
نفسه.