الحرب السيبرانيَّة

استراحة 2020/07/30
...

ميادة سفر
 
ارتبط الفضاء الرقمي أو السيبراني بالأمن القومي للدول، والحرب السيبرانية اليوم تشكل تهديداً حقيقياً، يتم الاستعداد لها كأي خطر يمكن أنْ تتعرض له الدولة، وهي التي تتم عن طريق الدخول إلى شبكة الانترنت واختراق المواقع، من خلال الثغرات الموجودة في الشبكة أو عن طريق برامج خاصة، إما بهدف التجسس أو تعطيل وتدمير بعض المنشآت الحيويَّة في الدولة المستهدفة كالهجوم على المواقع العسكرية، وشبكات الاتصالات والمياه والكهرباء وغيرها من مؤسسات مربوطة بالشبكة العنكبوتية.
كان للتكنولوجيا إذاً جانبها السلبي فقد قيل: “إنّ اللص المعاصر بإمكانه أنْ يسرق باستخدام الحاسوب أكثر مما يسرقه بالبندقية، وربما يكون إرهابيو الغد قادرين على إلحاق ضرر باستخدام لوحة المفاتيح أكثر من الضرر الذي يمكن أنْ تحدثه قنبلة”، على اعتبار أنّ المنظمات الإرهابية بات الكثير منها متمكناً من هذا المجال، وهو ما بات يؤرق مضجع كبار الدول راهناً.
إنَّ تعرض أية دولة لهجوم إلكتروني وإن لم يؤد إلى القتل المباشر، إلا أنه حتماً سيعرّض المدنيين لأخطار مختلفة كحرمانهم من الاحتياجات والخدمات، وربما تؤدي إلى الموت إذا استهدف الهجوم مثلا قطاع الصحة والمستشفيات أو المفاعلات النووية التي ينجم عن أي تعطيل فيها كوارث هائلة.
تشكل الحروب السيبرانية إحدى أدوات الجيل الخامس من الحروب، قد تبدو للوهلة الأولى ولمن لا يدرك ماهيتها حرباً ناعمة، لكنها لا تقلُّ خطورة بعد (أنْ وسم الفضاء السيبراني بأنه “ميدان” حرب كالجو والبر والبحر)، لا سيما أنّ الدولة المستهدفة قد لا تعلم باستهدافها ولا من قام بالهجوم وأسبابه إلا بعد مرور زمن طويل، وهي أقلُّ تكلفة مادية وبشرية للدولة المهاجمة.
بدأت الهجمات الالكترونية من قبل أفراد هواة من دون هدف محدد في أغلب الأحيان، لكنَّ الأمر تتطور مع ممارستها من قبل الدول الكبرى وتبادل الاتهامات بشأنها، لا سيما بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وإيران، مع ظهور بعض المواقع الخاصة المتخصصة بهذا المجال مثل “ويكيليكس” الذي أقلق مؤسسه “جوليان أسانج” راحة عديد من الدول والشخصيات ومن أبرزها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
قد لا تكون الحرب الرقمية بديلاً عن التقليدية أقله حتى وقت قريب، إلا إنها ستكون أداة أساسيَّة وتمهيدية لهجوم تقليدي قد يحسم الحرب بسرعة أكبر من المعتاد، لذلك فإنَّ تحقيق الأمن السيبراني للدول صار أمراً ضرورياً ولم يعد ممكناً اليوم لا الابتعاد عن التكنولوجيا ولا ترك ثغرات للولوج منها.
هامش: في كتابه “المنطقة المعتمة” يحكي فرد كابلان كيف أنّ فيلم ألعاب الحرب الذي شاهده الرئيس رونالد ريغن كان الشرارة التي أثارت اهتمام البيت الأبيض آنذاك عام 1983 لخطورة أي اختراق الكتروني، ومنذ ذلك الوقت بدأت التجارب الأميركية في هذا المجال.
ألا يدعونا هذا للتساؤل ماذا فعل العرب وكل فضاءاتهم الطبيعيَّة والرقمية مستباحة؟