باسم عبد الحميد حمودي
يوما ما – منذ أكثر من 1500عام - سأل عمّنا عمر بن أبي ربيعة، هندا، الغادة التي أحبها، وأحب، سواها، ثم أجابت:
قلتُ من أنتِ؟ فقالت أنا مَنْ
شفّهُ الوجدُ وأبلاهُ الكمدْ
نحنُ أهلُ الخيف من أهل منى
ما لمقتولٍ قتلناهُ قَوَدْ
و(القود) هي الدية التي لا بد أن يعطيها أهل القاتل للقتيل، وبنات منطقة (الخيف) من أهل (منى) يقتلن من يعشقهن بعيونهن النجل وقوام حُسنهن الأهيف.
إذن فهن يقتلن بالحب والهيام، لا بكورونا الغبية المصنوعة في مختبرات اللئام أولاد اللئام والخ..
لذا؛ لا (قود) لمن يقتل مستهاما في عرف الشيخ الجميل المحبوب والمحب عمر بن ابي ربيعة الذي لعب في الساحة الشعرية الكثير أيام صدر الإسلام من دون خوف بلجاجة عاشق مستهام صنع من مغامراته مجموعة حكايات شعرية ما زالت خالدة الى يومنا هذا،
وبنيت عليها مقولات فكرية وأمثال تتردد دوما، وإلا فما معنى بقاء مثله: (إنما العاجز من لايستبد) والاتهام بالعجز عنده دفعا لاستنهاض المحب لا السياسي
وهو يقول نصا :
ليتَ هنداً أنجزتْنَا مَا تعدْ
وشفتْ أنفسَنَا مما نجدْ
واستبدَّتْ مرةً واحدةً
إنما العاجزُ من لايستبدْ
والاستبداد عند عمر بن عبد الله بن ربيعة المخزومي أن تستجيب الفتاة له وأن تخرج عن تقاليد القبيلة لتكون أسيرة ولهه وعشقه، كما فعلت السيدة (نُعم).
و (نُعم) هذه غادة أخرى أحبت فتى مخزوم، واسمها بضم النون مشتق من النعمة التي يمنحها البارئ، وقد منح (نُعم) ذلك الجمال الباذخ، ولكن لم يمنحها العقل الراجح وغدت أسيرة رغبات عمر الذي تسلل الى خبائها ليلا وسط قبيلتها، وهو يصف ذلك في رائيته الشهيرة
الفاضحة فيقول:
أمن آل نُعم أنت غاد فمبكر؟
غداة غدٍ أم رائح فمهجر؟
والهجرة الاستفهامية هنا هجرة تعني حرية الحركة واللعب والقدرة على إحراج الحبيبة وأهلها، وبقية تلك القصيدة القصصية التصويرية توضح احتدام المشاعر وخوف الفضيحة ولملمة النساء من أخوات (نعم) وجود (عمر) بينهن بسحبه خارج حدود القبيلة وقد ارتدى ملابس النساء
وتمتع بعطرهن.
مغامرات عمر كثيرة وتنقلاته العاشقة أوفر، لكنه ترك لنا نماذج مشرقة من أدب السرد الشعري الذي ما زلنا نردده ونستذكره ونحن وسط حر الصيف وعسر الكهرباء ورعونة الكورونا المجرمة التي قتلت الكثير ممن
نحبهم رحمهم الله.