قبل شهرين تقريباً تقدمت كبرى شركات تأجير السيارات الأميركية مجموعة «هيرتز» بطلب للحماية حسب قانون «الإفلاس» لفروعها في أميركا الشمالية تحت بنود الفصل 11 من القانون الأميركي، بعد مرور أكثر من مئة عام على نجاحها وازدهار أعمالها في شتى قارات العالم، إذ تشير التقارير الى أنَّ مديونيتها تبلغ 11 مليار دولار ونحو نصف مليون سيارة مستعملة تكبدها شهرياً أكثر من 80 مليون دولار من الغرامات والخسائر.
وكانت المجموعة أعلنت في 21 نيسان الماضي إلغاء عشرة آلاف وظيفة في أميركا الشمالية؛ أي نحو 26,3 بالمئة من عدد العاملين لديها في العالم، بهدف توفير الأموال في مواجهة عدم اليقين الناجم عن إجراءات تطويق الوباء. وأوضحت «هيرتز» أنَّ عشرين ألف شخص في المجموع تم في الواقع تسريحهم، يشكلون نحو نصف عدد العاملين فيها في العالم.
طلب الحماية
ويسمح اللجوء إلى الفصل 11 من قانون الإفلاس في الولايات المتحدة لشركة غير قادرة على تسديد دينها، بالقيام بإعادة هيكلة بعيداً عن تدخل الدائنين. وواجهت الشركة خلال السنوات الأخيرة، منافسين آخرين بينهم «آفيس بادجت» و»انتر برايز» فضلاً عن تنامي خدمات النقل الممثلة بـ «أوبر» و»ليفت» التي سرقت بالمجمل كثيراً من زبائنها.
وعلاوة على ذلك، تحاول الشركة المفلسة «هيرتز غلوبال هولدنغز» تكثيف جهودها في العمل لتقليص جزءٍ كبيرٍ من سياراتها الجاثمة في مواقعها المختلفة والمخصصة للتأجير ويبلغ عددها 494 ألف سيارة بحسب شبكة «بلومبيرغ»، وتقدر أثمانها بمليارات الدولارات، إذ يطالب حملة سندات «هيرتز» استعادة أموالهم.
سعي للعودة
بالرغم من المأزق الصعب للشركة وهو أكبر إعسار مالي خلال العام 2020 للشركات، تحاول «هيرتز» الابتعاد عن التصفية وتعزيز سجلها النقدي عن طريق إعادة البناء، إذ لا تزال فروعها تعمل بشكلٍ جيد في أوروبا وأستراليا ونيوزيلندا وأنَّ الإغلاق يشمل الولايات المتحدة وكندا فقط، في حين إنَّ حاملي السندات الذين يواجهون مليارات الدولارات في خطر، ويؤكد المطلعون أنه إذا كان أداء هيرتز مثمراً في المحكمة، فإنَّ ذلك سيمكنها من هيكلة أعمالها وإكسابها بعض الوقت لترتيب وضعها من جديد في سوق بالغة المنافسة. لكنْ إنْ لم ينجح هذا المسار فإنَّ الشركة في طريقها لبيع متعلقاتها والاتجاه نحو التصفية.
وواجهت «هيرتز» رابع خسارة سنوية صافية على التوالي في 2019. لكنها بدأت العام 2020 بزيادة نسبتها 6 بالمئة في كانون الثاني، و8 بالمئة في شباط، بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام السابق، لكنَّ انتشار جائحة كورونا ضرب كل اقتصاديات العالم بالشلل.
ويعكس هذا الإفلاس حجم الأزمة التي تمر بها الولايات المتحدة حالياً نتيجة شلل قطاعات كاملة من الاقتصاد وخصوصاً النقل والسياحة، بعد الإغلاق الشامل ضمن جهود الحكومة لاحتواء انتشار فيروس كورونا التاجي.