في خضم تزاحم الأحداث والتحولات المرتقبة من كورونا الى أسعار النفط وصولاً الى أزمة الاقتصاد العالمي، بات من الصعب وضع تصورات وخطط من دون النظر من خلالها، لأنَّ الاقتصادي ينظر للمستقبل بعين الحاضر، كما أننا كرقمٍ صعب في المعادلة الإقليميَّة والدوليَّة فإننا نتأثر مباشرة من خلال النفط وهكذا كل الاقتصادات الريعيَّة.
اقتصادنا وماليتنا باتت حتى الآن مرهونة بتقلبات البترو دولار، وبما أننا مقبلون على عكس الريعيَّة الى تنمية مستدامة، أصبح مناسباً في هذا المنعطف أنْ يكون لنا ناطق اقتصادي يعدُّ مرجعاً، لأنَّ مجتمعنا تشوه بسبب غياب الطبقة المتوسطة التي كانت الطبقة الأم، وكان البديل إما رأسمالية الدولة لفترة ما قبل 2003 أو طبقة طفيليَّة حاولت ملء الفراغين، وكان الناتج فساداً من خلال تحاصص تجسد مالياً ونقدياً، ولّد تشوهات والتفافاً على القانون عند تجاهله السرقة.
والآن فهذه الشريحة تسعى لتبييض أخطائها كغطاء لتبييض أموالها، وهذا رد فعل طبيعي لا يتم من دون معنيين مقتنعين بأنَّ السياسات الاقتصاديَّة لا يصح البناء على ركامها، ما يعني أنَّ هناك هجوماً مضاداً للمعركة الفاصلة، وهنا يأتي دور الناطق الرسمي الاقتصادي الذي يتكئ على المعنيين في الدوائر الاقتصاديَّة والماليَّة والنقديَّة والأغلبيَّة من الصناعيين والزراعيين والتجار الحقيقيين متسلحاً بإرادة وطنيَّة.
فالموقف الرسمي السابق يتوهم أنَّ هناك ترابطاً بين التنمية والديمقراطيَّة، هذا الوهم خلق من الديمقراطية المشوهة بالتحاصص مجرد ذريعة لتراجع الإنتاج المحلي باستباحة الحدود في ظل أجهزة الديمقراطية وتواطؤاتها، وهنا يأتي دور الإعلام الاقتصادي، ومن خلال الحقائق سيكون بإمكان الناطق أنْ يحاججَ ليشرح لنا مثلاً أين تقع حالات الفساد، أو الصفقات الاقتصاديَّة المشبوهة، أو مناقصات محلية غير مكتملة الشروط هي وسابقاتها سرعان ما تنحرف عن أهدافها بحيث إنه يصعب حتى التعليق على هامشها لأنَّ الصفقة تمت في الظلام، ليصبح النقص جرحاً ملتهباً له مضاعفات أبرزها وأهمها فقدان ثقة المواطن والمستثمر الأجنبي والمحلي وهذا ما نحصده الآن.
فالناطق المواكب المراقب الشفاف يجعل الصفقات لا تتم من دون إلمامه بتسليط ضوئه الكاشف الذي يؤكد أنَّ لدينا ديمقراطية مواكبة للتنمية وتخدمها وليس العكس، بذلك يكون ناطقنا حارساً أميناً من خلال أجهزة الرقابة الماليَّة والإعلاميَّة والقضائيَّة مؤهلا لخوض معركة المنعطف الحرج.