عوالم المستقبل

آراء 2020/08/08
...

نجم بحري 
 
عصر الفيسبوك مصطلح يحلو للكثيرين أن يطلقوه على هذه المرحلة التي يشهدها العالم من التواصل الإنساني وفرته التقنيات الحديثة وتطور شبكة الانترنيت بشكل مذهل، إذ تحول العالم فعلا الى قرية صغيرة تتناقل فيها الأنباء والأفكار والأحلام بيسر وسلاسة وأهم من ذلك بلا قيود.
لقد حقق موقع فيسبوك مالم تحققه أكبر مشاريع التقارب الإنساني الأممي ووفر بيئة جديدة ذات أبعاد وخصائص مختلفة عما تعودنا عليه وأصبح سمة حياة يومية لاغنى عنها بالنسبة لشرائح كبيرة جدا من المجتمعات، ودخل ضمن جدول أعمال متخصصي الشبكة (العنكبوتية) اليومي الروتيني. فلا بدّ من زيارة صباحية الى حسابك على الفيسبوك ولا بأس من أخرى مسائية. 
ولكن من الملاحظ وللأسف وكما عهدنا مجتمعاتنا التي دأبت على اجترار أمجادها السالفة تسيء استخدام هذه الوسيلة الاجتماعية الحضارية عمدا تارة وجهلا تارة أخرى. فالفكرة من فتح حساب غايتها التواصل الإنساني الخلاق مع الجميع وليس لبس الأقنعة وخداع الناس والتحايل عليهم لغايات وضيعة تخلو من العمق الأخلاقي وذلك من خلال رسم شخصيات مزيفة شكلا ومضمونا. 
وقد وقع الكثيرون من الجنسين ضحايا لمثل هذه الحماقات التي لا تمت الى الاعراف التربوية والاجتماعية، ووصلت الأمور الى مشاكل اجتماعية معقدة بعضها لا حل لها. 
ومما يؤشر له أيضا في هذا المجال الجهل الشديد في كيفية التعامل مع هذه الخدمة من قبل الكثير من المستخدمين واعتقادهم واهمين أن ما يتناقلونه من معلومات وصور ومقاطع فيديوية في مأمن ولا يطلع عليه الغرباء وهذا اعتقاد خاطئ. فالخصوصية في الفيسبوك أمر لا يجيده إلا من يتقن التعامل مع برمجيات الشبكات الاجتماعية.
أما عامة الناس فقلة وعيهم يقودهم الى نشر صورهم وحواراتهم الخاصة حتى بلغ الأمر بأن العديد نشر ما لا يستحق ذكره عبر هذا التواصل، خاصة في مجال نشر وسائل الطبخ والموائد وصنع الأكلات ومما يدل على أننا لا هم لنا بهذا التواصل إلا أن ننشر هذا النوع والتباهي به أمام أنظار العالم، إنما هي ظاهرة غير حضارية وعلى العكس مما نتطلع اليه من خلال العلاقات الاجتماعية عبر هذا التواصل الجميل إذ ينشرون الابتكارات والابداعات من خلال العلم والمعرفة والغوص في 
بحورها.
ونعتقد جازمين أنه حان الوقت لحملات توعية إعلامية مركزة لمحو الأمية خاصة في هذا المجال الاجتماعي العام. وخير ما يجب علينا الإفادة من مزايا الموقع ضمن ما تمليه علينا الاعراف الاجتماعية والتربوية وتقاليدنا العريقة الاصيلة، والابتعاد عن سائر الأمور غير الانسانية التي لا تمت بصلة أخلاقية للمجتمع العراقي، من أجل بناء جيل مدرك ومثقف يسهم وفي هذا المنحى الواسع الى سبل النجاح والتطور.