وقائع زيارة الحديقة

ثقافة 2020/08/08
...

باسم عبد الحميد حمودي
 
ما الذي يربط المثقف بمجايليه خارج العمل؟
كان معتادا أن يكون (المقهى) في بغداد (بين ثلاثينات القرن الماضي الى منتصف الخمسينات) وسواها مركزا أساسيا للقاء، وكان المعتاد ايضا أن تكون اللقاءات قرب المكتبات مثل مكتبات المعارف والنهضة والبيان وغيرها مكانا للقاءات الكتاب والشعراء والباحثين.
كانت لقاءات مكتبتي (المثنى) لقاسم الرجب و(العصرية) لمحمود حلمي ثم صادق القاموسي تشكل ظاهرة أخرى من ظواهر الجدل الثقافي والفكري لاتساع الحركة والجلوس داخل المكتبتين.
 كان من أركان لقاءات (المثنى) على سبيل المثال السادة: حسين جميل وعبد القادر البراك وعبد الرزاق الحسني وأحمد حامد الصراف وسليم البصون وغيرهم كثير.
تشذ مكتبة الفلفلي هي ومكتبة (السلام) لمحمود قالبجي، ومكتبة ابراهيم السدايري عن المثنى والعصرية لبقائهن في سوق السراي وزيارات المثقفين لهن دوما.
كان افتتاح اتحاد الأدباء ونقابة الصحفيين ونادي جمعية الخريجين وجمعية الكتاب والمؤلفين سببا في توثيق حميمية اللقاءات لعدة أسباب سياسية وثقافية، لكن لقاءات الأدباء والفنانين في البيوت البغدادية والمدن الأخرى كانت مترعة بالشعر والادب ونقاشات المسرح والسينما، على وفق تنوع الحضور واهتماماتهم الثقافية.
 
حديقة الدار
كان الربيع والخريف ملاذينا الدائمين لاستغلال حديقة الدار الواسعة نسبيا لاستقبال الاصدقاء والصديقات والحوار الممتع معهم، وكانت الراحلة الكريمة (أم شهرزاد – علي) تخصص وقتا كبيرا للاشراف على الحديقة وتوجيه فلاحها قبل حضور الضيوف في أي وقت.
بحكم عملي رئيسا للقسم الثقافي في الاذاعة ثم في مجلات (الأقلام) و(التراث الشعبي) و(الثقافة الاجنبية) و(مديرية التأليف والنشر) كنت التقي بكثيرين ساعات النهار، لكن المساء لي ولاصدقائي الذين كنت أتشرف باستقبالهم.
كان منهم في الثمانينات الأساتذة: سعد البزاز ولطفية الدليمي ومنى سعيد وحسن مطلك وعبد الستار ناصر ومحسن الخفاجي، وسواهم، فضلا عن الأربعة المختارين: عيسى الياسري وعبد عون الروضان وحسن العاني وعبد الرزاق المطلبي.
هؤلاء لهم مذاق خاص لايشبه اللقاء مع خالد يوسف ولا اللقاء مع عبد الإله الصائغ وأسرته، وسنفرد لهؤلاء مادة تالية.
كان من زوار حديقة المنزل أيضا الأخوة من مصر وسوريا والأردن وفي مقدمتهم الاساتذة: خليل السواحري ومفيد نحلة وابراهيم عابدين وراتب الحسامي ومحمد القيسي وسواهم.
بعضهم كان زميلا لي في دار الشؤون الثقافية مثل محمد عفيفي مطر وأحمد عنتر مصطفى، وبعضهم كان زميلا لشقيق أم شهرزاد الأصغر طالب أكاديمية الفنون آنذاك والدكتور شفيق المهدي (فيما بعد).
من زملاء شفيق الذين افترشوا حشائش الحديقة السادة: محمود ابو العباس وعبود المهنا وسامي علي، وكانت النقاشات تحتدم بين الجميع لصالح عملية التغيير في النص السردي – المسرحي - الشعري خلال ثمانينات القرن التي تسربل فنانوها وكتابها الشباب بالزي الخاكي،، وتلك حكاية أخرى لايتسع لها استذكار رواد حديقة المنزل الذين تتسع رؤاهم مثلما ازدادت شخوصهم عددا، وأغتنت تجاربهم دوما - 
والى لقاء.