التصورات الجميلة للاحداث من حولنا، قد تُطلق عليها كلمة فن، لذا نقول عن الشخص الذي يرسم انه فنان، بمعنى أنَّه يرسم بطريقة من خيالهِ حتى يحولها الى حقيقة لمنظر يشاهدهُ أو فكرة يريدُ نقلها، فالفن هو السّعي وراء إبتكار وعمل شيء خاص وفردي، والفنان الذي يمتلك الحسّ الدّاخلي هو الشخص الوحيد الذي لا يتكرّر، بحيث أنّ لا أحد يستطيع أن يراه، والتّشكيل هو نوع من أنواع الفنّ، حيث يعتمد على كلّ شيء من الواقع مُصاغ بطريقةٍ جديدةٍ وبتشكيل جديد وفريد.
والفنّان التشكيليّ يستوحي رسوماته من مُحيطه وواقعه باستخدام رؤيته ومنهجه الخاصّ، كما اسلفنا، وعلى مرّ السّنين ظهر العديد من الفنّانين الذين أعطوا نتاجاً تشكيليّاً عظيماً، ولكنّهم اعتمدوا طرقاً مختلفةً في صياغة أعمالهم الفنيّة ومعالجتها، ما أدّى إلى ظهور مدارس فنيّة تُحدّد مواضع اختلاف الفنّانين في أعمالهم، من هنا تعددت مدارس الفنّ، فمن الواقعية الى الانطباعية والرمزية والتعبيرية وغيرها، وتعددت اشكال التشكيل وطرقه التعبيرية .. واليوم نتحدث عن فن الحرق على الخشب، وهوفن جميل ورسم راق تنحته يد فنان، ولكن على الخشب وبالحرق .. اذن الحرق على الخشب من المواهب الصعبة، لان الصعوبة تكمن في عدم امكانية التراجع بحرية، مثل باقي انواع الرسم، ويجب تحري الدقة فيها وتخفيف الضغط على آلة الحرق وتثقيلها في آن اخر، والشيء المميز في هذا النوع من الهوايات او الرسم هو ان الشخص الذي يستخدم الحرق على الخشب بإمكانه ادراج الرسم والخط والنحت جميعاً في وقت واحد، كون معظم رسومات هذا الفن يكون فيها شيء من البروز الذي يضيف جمالاً وبعداً للوحة المرسومة، واجمل مافي هذا النوع من الرسم انه يكون ثابتاً بألوانه التي لا تختلف الا وهي لون الخشب الفاتح ومن ثم لون الحرق المتدرج من الخفيف إلى الثقيل فتتمازج مع بعضها وتظهر لنا بشكل قمة في الجمالية والروعة .. وكانت طريقة الرسم بحرق الخشب حرقاً خفيفاً، اسلوباً حديثاً في العراق، حيث برزت مجموعة رسامين من مدن مختلفة، وكانت مدينة التاريخ والحضارة .. الشطرة حاضرة متمثلة بالرسام ازهر نجم الزيدي، والذي بدأ حديثا بهذا الفن الصعب نوعاً ما، ورسم أكثر من أربعين لوحة بطريقة الخشب المحروق منذ عام 2012م، وقدم معرضا فنيا في حدائق شارع الثقافة في الناصرية مركز محافظة ذي قار، وفي احد اللقاءات معه قال : «إن هذا النوع من الرسم يعتبر من الفنون الصعبة من الناحية الفنية لاعتماده على أدوات كهربائية (الكاوية)، بالإضافة إلى اختياراته الدقيقة لنوعية الخشب التي تتسم باللون والنعومة».
وأضاف : «تبدأ هذه اللوحات بالتخطيط بقلم الرصاص ثم عملية استخدام الكاوية»، مشيرا إلى أن أغلب» لوحاته تم اختيارها عن طريق إعجابه بالشخصيات والمناظر والظواهر التي يرى من وجهة نظره أنه لا بد من رسمها»، ويبقى الفن هو عنوان للابداع الحر تحت مظلة الجمال، اي انه لغة استخدمها الإنسان لترجمة التعابير التي ترد في ذاته الجوهرية وليس تعبيرا عن حاجة الإنسان لمتطلبات حياته، رغم أن بعض العلماء يعتبرون الفن ضرورة حياتية للإنسان كالماء والطعام، اذن الفن موهبة إبداع وهبها الخالق لكل إنسان، لكن بدرجات تختلف بين الفرد والآخر، ولهذا لانستطيع أن نصف كل هؤلاء الناس بفنانين، إلا الذين يتميزون عن غيرهم بالقدرة الإبداعية الهائلة.