عبدالكريم يحيى الزيباري
17 أكتوبر 1973 أعلن وزراء النفط العرب في أوابك استخدام النفط كسلاح، وحظر الصادرات إلى الدول الموالية لإسرائيل. طوابير السيارات أمام محطات التعبئة بلغت عِدَّة كيلومترات، بعض الوزراء وأعضاء الكونغرس يذهبون للدوام بالدرَّاجة الهوائية، البعض هدَّد باحتلال الدول العربية. شعرَوا بأنَّهم يفقدون سيطرتهم على العالم. 17 آذار 1974 أعلن العرب نهاية الحظر بسبب ضغوط السادات وغيرها.
بداية 1979 غادر الشاه طهران، واحتلت السفارة الأميركية 444 يوماً. 30/ 1 /1980 فشلت الحملة الأميركية لتحرير رهائنهم في طهران. (80) ألف جندي سوفياتي احتلوا أفغانستان. انتشرت العدوى الكوبية إلى موزامبيق وأنغولا وأثيوبيا ونيكاراغوا والسلفادور. تكسرت أذرع واشنطن وانحسر نفوذها في العالم. قفز التضخم إلى 11 بالمئة ولأول مرة في تاريخهم الاقتصادي، والبِطالة في أعلى مستوياتها.
في نوفمبر 1980 فازَ ريغان في (44) ولاية من أصل (50). فوزاً ساحقاً للحزب الجمهوري لا مثيل له. من قبل سمُّوا حزبهم حزب التغيير، ولعشرين سنة زرعوا أفكار التغيير كضرورة حتمية، استمالوا الكاثوليك والبروتستانت واليهود معاً، بإدراكهم أنَّ سلوكيات الناس والدول لا ترتبط بمصالحهم، بل بالفكرة التي كونوها عن هذه المصلحة، وأنَّ الأيديولوجيا مجرد أفكار قابلة للتغيير والتحول أسرع بكثير من المصالح الاقتصادية، فإذا تغيرت الأيديولوجيا، تغيرت المصالح الاقتصادية تلقائياً.
ريغان رجل السياسة الفنان الحاذق الكوميدي، أفضل واجهة للتغيير كحركة اجتماعية دينية قبل أنْ تكون سياسية. التأكيد على احتمالات فوزهِ الساحق بالتأكيد على سيرته كبراغماتي قادر على التأقلم مع مختلف الظروف من خلال سيرته كحاكم لولاية كاليفورنيا ثمانيَ سنوات، وقفزته من الحزب الديمقراطي إلى الجمهوري، واستمالة كامل أعضاء الحزب الجمهوري الأقوياء لأفكار المحافظين الجدد، كل هذا رسَّخ صورته كرجل دولة واقعي.
صعدَ المحافظون الجُدُد، الصقور، التيار القومي الجديد، ونفَّذَ سياسته الداخلية بتحقيق الموارد الجانبية، وانخفضَ معدل التضخم من 12.5 ٪ إلى 4.4 ٪. طردَ مخاوف الأخطار الخارجية ليتفرَّغ للداخل، للقضاء على عقدة فيتنام، وكرد فعل ضد سياسة (نيكسون- كيسنجر) الفعَّالة على الصعيد الخارجي، ورسَّخَ عقدة ووترغيت للتشكيك بإدارة خصومه. وأشاع انتماء الأميركيين لفكرة أنَّ وجود ريغان ضروري لمصلحة الأميركيين كشعب ولدول العالم كشعوب تنشد السلام والتقدم، مع فكرة هدم جدار برلين وتفكيك الاتحاد السوفيتي من مصلحة الروس وأوربا والعالم أجمع، واختبار مدى قدرة هذه الأفكار على الصمود أمام التغيرات السياسية العامة والخاصة. وتحققت نبوءة مراكز البحوث عن سرعة تغيير الاتجاهات لايديولوجية للعامة والنخبة. انتبه مستشارو ريغان إلى المنافع الاقتصادية التي تحققت لألمانيا واليابان جرَّاء انتفاعهما من الحماية النووية الأميركية وخفض ميزانيتهما العسكرية مقابل الميزانية العسكرية لأميركا، وانتبهوا كذلك إلى أنَّ اليابان وألمانيا وكثيراً من دول أوروبا، بدأت تميل إلى اتخاذ مواقف دبلوماسية مستقلة عن سياسة أميركا الخارجية، فعملت واشنطن على معالجات سياسية
سريعة جداً.
1984 قاد ريغان حملته الانتخابية بشعار «الصباح في أميركا»، والصباح رمز التغيير، فحقَّق فوزاً ساحقاً. وأشاع أفكار المخاطر الخارجية الوشيكة المُحدَّقة، وانشغلَ بالخارجَ وسَمَّى الاتحاد السوفياتي «إمبراطورية الشر» ونشرَ فكرة نهاية التاريخ.